فلسطين لم تعد قضية العرب والمسلمين. لم يبق منها عند الحكام العرب سوى فقرة إنشائية تتكرر في البيانات الصادرة عن اجتماعات فلكلورية. اختفت إسرائيل وصار «حزب الله» هو العدو، كما صار نجاح العمل العربي المشترك مرتبطاً بقدرة هذا المحور أو ذاك على رفع سقف التنديد بإرهابه.من «الجامعة العربية» إلى «مجلس التعاون الخليجي» فـ«منظمة التعاون الإسلامي»، تكمل السعودية «حربها» على «حزب الله». وتشاء الصدف أن تتزامن حربها هذه مع سعيها إلى الالتزام بالترتيبات التي نصت عليها معاهدة كامب ديفيد بشأن جزيرتي تيران وصنافير.
وفي السياق نفسه، كشفت مصادر خليجية لـ«السفير» عن محاولة سعودية لتسويق مشروع قرار بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن يصنف «حزب الله» إرهابياً. لكن المحاولة سرعان ما أحبطت في مهدها، بعد تصدي روسيا والصين لها، واستخفاف الولايات المتحدة بها.. من خلال تجاهلها.باختصار، يقول مصدر متابع إنه تبين أن السعودية لا قدرة لها على اللعب في غير الساحات التي تمولها، ومنها «منظمة التعاون الإسلامي»، التي من المرجح أن تعلن اليوم إدانة أعمال «حزب الله» الإرهابية.
لبنان ليس معنياً بما يجري. حكومته تحولت إلى «شاهد ما شفش حاجة». تكفي تحية «على الواقف»، قبل أن يغادر الملك السعودي سلمان المؤتمر مباشرة بعد افتتاحه.
ذهب رئيس الحكومة تمام سلام متسلحاً بوفد يمثل مختلف أطياف الحكومة، فلم يسعفه التشدد السعودي. وهكذا اكتفى لبنان بالتحفظ على فقرة تدين الأعمال الإرهابية لـ«حزب الله»، مثله مثل أندونيسيا، التي تعاني ما تعانيه من خطر الوهابية على نموذجها الإسلامي المعتدل!
في المقابل، لا يبدو «حزب الله» منزعجاً من هذا «الحصار»، فهو يعتبر أن من يُحاصَر فعلياً هو الحكومة اللبنانية. و«كتلة الوفاء للمقاومة» وجهت أمس انتقاداً واضحاً لطريقة تعاطي الحكومة مع الملف، مشيرةً إلى أنه لا يجوز للحكومة اللبنانية أن تقبل بإسقاط هذا الحق، عبر السكوت أو مجرد التحفظ على أية إساءة للمقاومة يحاول البعض تمريرها في أي محفل أو مؤتمر من المؤتمرات، خصوصاً تلك التي يكون لبنان مشاركاً فيها. كما أكدت أن «التسامح او المجاملة في هذا المجال يجب ان يوضع لهما حد منعاً للتمادي وحرصاً على مصلحة بلادنا العليا».
وبالرغم من الانتقاد المباشر لرئيس الحكومة، إلا أن «حزب الله» ما يزال يبدي حرصه على الاستقرار السياسي والأمني وتفعيل المؤسسات، لا بل أكثر من ذلك، ثمة تأكيد بأنه لن يسمح للسعودية بافتعال أزمة حكومية.
وفيما لوحظ خلال الفترة الماضية هدوء نبرة «حزب الله» تجاه السعودية، وهو ما فسر على أنه تعبير عن اتفاق ضمني على التهدئة، أعادت «الوفاء للمقاومة» التأكيد أن «المقاومة بعزمها وصوابية نهجها وإرادة جماهيرها.. ماضية بإصرار وثبات في الدفاع عن لبنان وحماية سيادته والتعبير عن قناعتها وموقفها الجريء من السياسات الظالمة والعدوانية، ولن يثنيها عن ذلك تآمر أو توعد أو وعيد».
بدا ذلك بمثابة رد سلبي على مساعي بعض الجهات الخليجية لتسويق اتفاق يقضي بتوقف «حزب الله» عن انتقاد السعودية على خلفية عدوانها على اليمن، مقابل وقف الحملة السعودية على الحزب.
صحيفة السفير اللبنانية