كشفت مصادر سياسية لبنانية لـ”العرب” أن رئيس الوزراء المكلّف مصطفى أديب يتجه إلى تشكيل حكومة لا تضم سياسيين، مع ما يعنيه ذلك من بقاء حزب الله خارج هذه الحكومة وذلك للمرّة الأولى منذ عام 2005.
وذكرت أن الإتيان بحكومة لبنانية دون سياسيين سيغضب رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل اللذين يصرّان على أن تكون وزارتا الخارجية والطاقة تحت سيطرتهما بشكل مباشر أو غير مباشر.
ورفضت المصادر السياسية اللبنانية التكهّن برد فعل رئيس الجمهورية في حال طلب منه رئيس الوزراء المكلّف التوقيع على لائحة وزراء لا وجود له فيها.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الرئيس إيمانويل ماكرون الموجود في بيروت منذ مساء الاثنين مصرّ على أن تكون الحكومة اللبنانية الجديدة خالية من أيّ ممثلين للأحزاب السياسية.
وذكرت في هذا المجال أن ماكرون، الذي طلب من رئيس الوزراء السابق سعد الحريري المضيّ في تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة، هدّد السياسيين اللبنانيين بأنّ عليهم القبول بما تطالب به فرنسا في حال كانوا يريدون ضمان المستقبل.
ولاحظت هذه المصادر أنّه قبل ساعات من وصول ماكرون إلى بيروت، نشرت جريدة “لو فيغارو” مقالا عن الوضع اللبناني يكشف أن ماكرون لوّح بعقوبات تطال ميشال عون وجبران باسيل واثنتين من بنات عون الثلاث وشخصيات قريبة منه مثل سليم جريصاتي، إضافة إلى سياسيين لبنانيين آخرين مثل نبيه برّي وسعد الحريري.
وورد في المقال أن نائبا من جماعة عون يدعى سيمون أبو رميا علم بالأمر قبل نشر المقال واتصل بالصحافي جورج مالبرونو كاتب المقال، ليسأله عن صحة المعلومات الواردة فيه.
وتساءلت المصادر اللبنانية نفسها هل ينفع التلويح بالعقوبات التي تقول مصادر فرنسية إنّها “جاهزة” كي يقبل ميشال عون وجبران باسيل أخذ وزارتي الخارجية والطاقة منهما؟
وأشارت، ردّا على السؤال، إلى أن ماكرون لم يقدم على خطوة فرض مصطفى أديب رئيسا للوزراء في لبنان إلّا بعد التشاور مع إيران التي ستفرض على حزب الله القبول بالبقاء خارج الحكومة في حين سيتولّى الحزب نفسه “إقناع” ميشال عون بأن لا مصلحة لديه في التمسّك بوزارتَيْ الخارجية والطاقة.
وكلف الرئيس عون مصطفى أديب، السفير السابق لدى ألمانيا، بتشكيل الحكومة، قبل ساعات من وصول ماكرون إلى بيروت مساء أمس.
وكشف مسؤولون لبنانيون كبار أن ماكرون ضغط على القادة اللبنانيين للاتفاق على مرشح خلال الثماني والأربعين ساعة التي سبقت التوافق على أديب.
وقال أديب، الذي حصل على دعم الأحزاب السياسية الرئيسية “القلق كبير لدى جميع اللبنانيين على الحاضر والمستقبل. وبإذن الله سنوفق في هذه المهمة لاختيار فريق عمل لبناني متجانس من أصحاب الكفاءة والاختصاص وننطلق جميعا بالتعاون مع المجلس النيابي الكريم في إجراء الإصلاحات الأساسية وبسرعة، ما من شأنه أن يضع البلد على طريق التعافي الصحيح ووقف النزف المالي والاقتصادي والاجتماعي الخطير”.
وأضاف “الفرصة أمام بلدنا ضيقة والمهمة التي قبلتها هي بناء على أن كل القوى السياسية تدرك ذلك وتفهم ضرورة تشكيل الحكومة في فترة قياسية والبدء بتنفيذ الإصلاحات فورا من مدخل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
وغالبا ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان وقتا طويلا نظرا إلى الصراعات السياسية على الحقائب. وفور تكليفه توجه أديب لزيارة المناطق التي تضررت بشدة من جراء كارثة انفجار المرفأ. وتعرض له متظاهرون باحتجاجات لفظية.
وأثناء جولته، قالت لبنانية لأديب “نحن لا نريدك، أنت لا تمثل الشعب، أنت من السلطة”، فيما قال له آخر “من انتخبوك لتشكيل الحكومة مجرمون (يقصد النواب)”.
وكان ماكرون، الذي يلتقي بالسياسيين في بيروت اليوم الثلاثاء، قد أجرى سلسلة مكالمات هاتفية مع قادة لبنانيين في نهاية الأسبوع من أجل ضمان التوافق على أديب.
وقال سياسي لبناني كبير “كان الضغط ناتجا عن اتصالاته مع الجميع. الضغط الناتج عن مجيئه إلى لبنان، الضغط الناتج عن عدم رغبة الجميع في مضايقته”.
وأضاف سياسي بارز ثان “ماكرون واكب العملية خطوة بخطوة”.
وذكر مصدر بالرئاسة الفرنسية أن مطالب ماكرون “واضحة: حكومة مهمة، نظيفة، فعالة، قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية في لبنان وبالتالي قادرة على الحصول على دعم دولي قوي”.
وبرز اسم أديب لمنصب رئيس الوزراء بعد أن رشحه رؤساء وزراء سابقون من بينهم سعد الحريري الذي يقود أكبر حزب سياسي سني. وينبغي أن يكون رئيس الوزراء من الطائفة السنية وفقا لنظام تقاسم السلطة الطائفي في البلاد.
وبدعم من الحريري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط حظي أديب بدعم أكثر من حسان دياب الذي استقال مع حكومته في العاشر من أغسطس بعد انفجار المرفأ.
نقلا عن صحيفة العرب