“تدهورت صحتي وصار الدم ينزل من فمي”
بروح قوية تغربل المواقف فتحولها إلى ذكرى، ترتشف المبهج منها مع قهوتها وتتنفسه مع النسيم، وتلقي بالسيء في أرشيف ذاكراتها البعيد عن القلب، تلملم فيه صعوبات الحياة وبؤس الحظوظ وسهام البشر، قوية لاتكسرها الأيام مهما اشتدت قسوة الفصول عليها، تعبُر الوجع ولايعبرها.
بعيون زرقاء دامعة تقول ضحى المرأة الثلاثينية: “ماكنت قوية وما استقبلت المرض بشكل عادي، وصابني اليأس واستسلمت لقدري، وبطلت اعمل الشغلات الي بحبها”
فالسفر والقراءة والرياضة وخاصة الجري، من الأمورالتي تمارسها ضحى باستمرار، لتتوالى الأيام وتزيد المعاناة والألم، وبدون استئذان يقتحم المرض حياتها ويحاول السيطرة عليها بكل الطرق ليضعف قوتها، تتابع ضحى بابتسامة تزين وجهها الرفيع “وكأني بكابوس بدي فيق منو بسرعة، وتدهورت صحتي وصار الدم ينزل من تمي”
فحين ينتصر السرطان تتحول الحياة إلى جحيم بين أركان المستشفيات وغرف جلسات العلاج الكيماوي وعمليات الاستئصال، وغير ذلك من المحاولات الطبية لقهر هذا الوحش القاتل، لتصرخ ضحى متألمة بشدة من قوة المصل، وتنظر حولها فتجد العديد من النساء يحصلن على جرعاتهن، وكأن الموت يقترب منهن جميعاً وينتظرنه بين الحين والآخر…..
مرارة الألم التي تعيشه ضحى حين وصول المصل إلى عروقها لايمكن أن يضاهيه ألم، فهي لا تستطيع أن تكتب قدرها ولكن ربما تستطيع أن تصنع قصصاً في حياتها في خضم الحياة ومعتركها، بعد أن طرق بابها زائر ثقيل لاتستطيع صده، لكن تحاول التكيف مع قدومه، فالحياة مليئة بالمنعطفات الجميلة أحياناً والقاسية أحياناً أخرى .
على وجنتيها الناعمتين تتناثر دموعها مسترسلةً لتضيف إلى حديثها قائلة “مريت بجلسات العلاج الكيميائي بحالة من اليأس وقلت مارح اطلع من هالغرفه عايشة بس حمدلله مرت على خير ” لتنتقل ضحى بعدها إلى جلسة الإشعاع والتي لم تكن مؤلمة مثل الكيماوي، لكن آثارها الجانبية كثيرة..
تستكمل ضحى حياتها وعلاجها معاً وتتماثل للشفاء بمساعدة أهلها وأصدقائها الذين قدموا لها كل الدعم النفسي والمعنوي، لتحارب هذا اللهو الخفي الذي كاد أن يدمر حياتها وحياة الكثيرين من أمثالها، ولكن إرادتها وإيمانها أقوى لقهر هذا المرض الخبيث، متيقنة بأن ظلمة الليل لابد أن تزول لتشرق شمساً دافئة تعيد للحياة ألوانها الزاهية…
قصة خبرية/ خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع