ما أصعب أن يفقد المرء عزيزاً، قريباً كان أم صديقاً.
فكيف يكون الحال عندما يتلقى أحدنا خبر فقده لأحد أحبائه تحت قصف طائرات لا يعرف طيّاروها معنى الرحمة والإنسانية.
يحكي الصديق “عزام الخالدي” الذي اتسم بعزيمته وإصراره رغم الألم قصص فقدانه الأحباب والأصحاب في حرب ضروس لا تعرف الرحمة “بدأ النظام ينهال على مطقتنا بالقذائف والصواريخ في أواخر عام 2012 مما أدى إلى استشهاد والدي وأول سند لي وأنا لا أزال في مقتبل العمر، لم أدخل مرحلة الشباب بعد”
ويكمل الصديق “الخالدي” ويقول “كان هذا أول انكسار لي ولكنّ شيئاً ما في داخلي يستنهضني ويحثني على الثبات والوقوف رغم الألم”.
بسبب الظروف المعيشية المتردية التي طالت المنطقة قررنا أن نلحق الركب ونرحل مع الراحلين إلى بلد غريب عنّا وغريبون عنه، فانتقلنا إلى تركيا حيث ذقنا ويلات الغربة وعذابات الشوق والحنين لرائحة تراب اعتدنا أن نستنشقها مع أول هطول للمطر في بدايات الشتاء.
هناك في المنفى البعيد وصلنا خبر استشهاد أخي وكان انكساراً أقسى عليّ من انكساري الأول، فكما يقول ج”يري جويليميتس” “ليس هناك حب آخر كحب المرء لأخيه”
ويكمل الصديق وعبرات الشوق للأحبة تنثر عطرها في المكان، “عدنا إلى سوريا الحبيب لعدم قدرتنا على التأقلم وعدم قدرتي أنا على مصارعة الشوق لرائحة التراب تلك، ولكن سرعان ما عادت طائرات الأسد بوحشيتها تقتلع أصدقائي من حولي الواد تلو الآخر فقتلت علاء وبعده مصعب ومن ثمّ بهاء ويحيى وغيرهم الكثيرون، فكيف للقلب مهما قسى أن يتحمّل تلك الانكسارات.
ويقول الصديق عزام ولا يزال الجرح طرياً على الفراق الأخير في زمن ليس ببعيد لفقد أعز الأصدقاء الشهيد “رشيد البكر” الذي قضى في مجزرة الدويلة منذ أيام “هذا ما أحسست به عند فقد كلّ حبيب، تجدد الآن بفقدك يا صديق الروح”.
وبلسان يتيم قد تجدد شعوره بالحزن على من فقد يقول الصديق “ظننت أن مشوارنا لم ينتهي بعد، ولم أعلم أنّ الجنة أقرب إليك مني يا رفيق الدرب”
وفي البعيد عن عزّام ورفقائه ربما لن أشعر وأنا القاص لروايته بحجم الألم لفقد الصديق، إلاّ أن القدر شاء أن أرى نصف روحي وشطري الآخر يذرف دمعاً على فقدانها إحدى الصديقات، شريكتي في حياتي تبكي فقدها صديقتها ديمة التي استشهدت إثر إصابتها بشيظية أصابتها في قصف طائرات التحالف الأخير في ريف إدلب.
حقاً ذرفت الدموع لرؤيتي غال على قلبي يذرف الدموع لفقده أحد الأصدقاء، فكيف الحال بمن هو أقرب إليهم وأقرب إليه !!!!!
محمد المعري /المركز الصحفي السوري