“لا تتقاتلوا، فنفط اللاذقية لن يستخرج إلا للدولة العلوية” هذا ما قاله كمال الأسد -رئيس غرفة الصناعة والتجارة في مدينة اللاذقية- أمام مجموعة من قيادات الشبيحة بالساحل “وأغلبهم من آل الأسد” عقب خلافات نشبت بينهم في ظل الصراع على استثمار النفط المكتشف في مدينة اللاذقية، حسبما أفاد الناشط محمد الساحلي.
ويضيف الساحلي للجزيرة نت أن كمال منع وزارة النفط السورية من تجهيز بئر نفطي مكتشف سابقا في مدينة اللاذقية، وأرغمها على سحب الحفارات التي أحضرتها لحفر بئرين نفطيين آخرين داخل المدينة، كما منع شبيحة آل الأسد من استخدام معدات وزارة النفط في التنقيب عن النفط واستخراجه.
يذكر أن النفط مكتشف في مدينة اللاذقية من عام 1986، وكان ذلك خلال إقامة منشآت رياضية لاستقبال دورة ألعاب المتوسط التي أقيمت عام 1987، حيث يؤكد الكثيرون أن النفط ظهر للعيان، وشاهده سكان المدينة عندما حفرت الدولة بئرا لاستخراج المياه واستخدامها في المسبح الأولمبي قرب الملعب البلدي.
ويروي أبو خالد من سكان حي المشاحير القريب من المسبح، أن نفطا أسود سال في الشارع المؤدي إلى كراجات جبلة عند تشغيل المضخة على البئر، ولذلك تم إيقاف الضخ من البئر، ومن ثم أغلق بعد عدة أيام، دون معرفة الأسباب التي منعت استخراجه واستثماره، مؤكدا أن كثيرا من سكان المدينة شاهدوا ذلك، ولا يزالون يتذكرون ما جرى، لكنهم لا يجرؤون على الحديث عنه.
اضطرار النظام
وخلال الأيام الماضية قامت وزارة النفط والثروة المعدنية بتعزيل البئر، وضخت النفط إلى صهاريج نقلته إلى مصفاة بانياس التي تبعد نحو خمسين كيلومترا، حسبما أفاد الناشط الساحلي.
وبادر النظام لاستخراج النفط من المدينة في الوقت الحالي، في محاولة على ما يبدو لتجاوز الأزمة المالية الخانقة التي يمر بها بعد توقف معظم موارد الدولة، وسيطرة تنظيم الدولة وتنظيمات كردية على آبار النفط وسط سوريا وشرقيها، واستنزاف مخزونها المالي الأساسي والاحتياطي في حربه قوات المعارضة السورية.
وفتح استخراج النفط عيون قيادات المليشيات المسلحة في الساحل، ودفعها لمحاولة السيطرة عليه واستثماره لمصلحتها وإبعاد النظام عنها في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه المنطقة، وحاولت التنقيب عنه بمعدات وزارة النفط، الأمر الذي دفع كمال الأسد للوقوف في وجههم.
ليس حرصا
لكن ماهر السعد -المدير المنشق عن وزارة النفط- أكد أن منع كمال الأسد الشبيحة من استثمار النفط ليس حرصا على مقدرات سوريا، بل هو احتفاظ به للدولة العلوية حسب تعليمات حافظ الأسد الرئيس السوري السابق.
وأكد السعد للجزيرة نت أن حافظ الأسد هو من أوعز بردم بئر النفط المكتشف في اللاذقية عام 1986، وأصدر أوامر بعد الإعلان عن اكتشافه، ورجح أن ذلك تم لغاية استثماره مستقبلا لصالح الدولة العلوية وحدها.
ولفت إلى أن أحد وزراء النفط السابقين قدم في تسعينيات القرن الماضي مشروعا متكاملا لاستثمار النفط المكتشف في اللاذقية، والغاز من البحر المتوسط في المياه الإقليمية السورية، لكن الأسد رفضه دون شرح الأسباب، ونسب الرفض حينها إلى القيادة القطرية لحزب البعث.
كما أوضح السعد أنه تم اكتشاف وجود مخزون نفطي جيد في ثلاثة مواقع بمدينة اللاذقية، الأول في حي المشاحير والثاني في مدخل حي قنينص، وسط المدينة قريبا من موقع البئر المكتشف سابقا، أما الثالث فهو في حي الدعتور شمال شرق المدينة.
وكان إنتاج النفط السوري قد انخفض بنسبة كبيرة، وتحولت سوريا إلى مستورد له منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، الأمر الذي دفع معارضين سوريين للتساؤل عن سبب عدم استثمار نفط اللاذقية رغم معرفة القيادة السورية به، وترجيح إخفاء حقيقة وجوده بهدف اكتنازه للطائفة العلوية إذا ما تمت إقامة دولتها يوما ما.
المصدر : الجزيرة