فهد المصري
مع اقتراب الثورة السورية من إكمال عامها الرابع، نجد من الضروري أن تثار مسألة الانشقاقات العسكرية عن نظام الأسد، التي تراجعت حركتها. حيث نلاحظ أنها كانت بطيئة وفردية وضعيفة في المجمل، وغابت الانشقاقات الجماعية الكبيرة لمجموعات عسكرية بضباطها وجنودها وعدتها وعتادها، على الرغم من تصدع النظام تدريجيا إلى درجة مهمة، واستنزافه، وخسائره، بشرياً وعسكرياً.
وربما يعود ذلك إلى أنها لم تؤد النتيجة المطلوبة، على الرغم من تأسيس الجيش السوري الحر، وانشقاق أكثر من مائة ألف مجند وأكثر من 6500 ضابط، منذ بداية الثورة وحتى الآن، بالإضافة إلى أسباب معينة نذكر منها:
أولا، معرفة العسكريين في صفوف النظام أن حرب الاستنزاف في سورية طويلة، وأن لا نية في المدى المنظور لدى اللاعبين الكبار لإسقاط الأسد وحكمه.
ثانيا، تحول عدد من العسكريين المنشقين الذين لجؤوا إلى الدول المجاورة، إلى العمل في أعمال أخرى مجالهم في ظروف صعبة للحصول على لقمة العيش.
ثالثا، تحول عدد لا بأس به من العسكريين إلى مرتزقة وأدوات تتلاعب وتتحكم فيهم أجندات إقليمية ودولية.
وأخيرا، انعدام وجود مشروع وطني واضح لدى مؤسسات المعارضة في الخارج، والتي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين، والمال السياسي، والوصايات الخارجية، التي حرصت أن تبقى على مقدار كبير من الهزالة والضعف، حتى لا تكون البديل السياسي المؤهل لنظام الأسد.
هناك اليوم، حوالى مائة ألف جندي و6500 ضابط منشق، هؤلاء يمكن أن ينضموا إلى مؤسسات وطنية عسكرية وأمنية، ويساهموا في إعادة الهيكلة والبناء في مرحلة ما بعد الأسد، لإنقاذ سورية وشعبها، بعد استبعاد جميع القتلة والمجرمين ومحاسبتهم.
وعلينا أن نتفهم وندرك، أنه من شبه الاستحالة، رؤية منشقين بأعداد كبيرة وبشكل خاص في صفوف الضباط العلويين من الذين لم تتلطخ أياديهم بالدم. لكل الأسباب التي أوردناها، ونتيجة الحصار والمتابعة الأمنية من النظام، ولو نجح الضابط العلوي في الانشقاق فإلى أين يتجه؟ إلى تركيا حيث تتحكم جماعة الإخوان؟ أم لبنان حيث حزب الله؟ أم إلى الأردن؟ أم إلى العراق؟
من الخطأ الفادح والتاريخي، الحديث عن حل الجيش النظامي السوري، بل علينا أن نعمل جميعاً على إعادته إلى مساره الوطني، وبنائه على أسس وطنية وحرفية، ليكون جيشا لكل السوريين بعد تطهيره من القتلة والمجرمين وأمراء الحرب.
إن سقوط الأسد ومن معه هو بداية لمرحلة لن تكون نزيهة، ولربما ستتجاوز صعوبتها مرحلة ما قبل رحيل الأسد، إن لم نكن على قدر المسؤولية والوعي والإدراك، بأن سورية اليوم في أعلى درجات الخطر، فحافظوا على سورية.