لا يزال التدخل العسكري الروسي في سوريا يثير جدلا واسعا في الأوساط الإقليمية والدولية، وسط تساؤلات عن الأهداف الكامنة وراء عودة روسيا إلى الشرق الأوسط، خاصة بعد نشرها صواريخ متطورة وأسلحة ثقيلة في البلاد.
في هذا الإطار، تحدثت صحف أميركية وبريطانية عن النوايا الروسية وراء تعزيز قوتها العسكرية في سوريا، وعن الدور الذي يريد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يلعبه على المستوى الدولي، وذلك من خلال نفوذه في سوريا والمنطقة.
فقد نشرت صحيفة واشنطن تايمز مقالا للكاتب هيربت لندن أشار فيه إلى أهداف موسكو في الشرق الأوسط، وقال إن الهدف الواضح الأول لروسيا من وراء هذا التعزيز العسكري يتمثل في عزم موسكو دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بوصفه النظام الذي حافظ على الوجود البحري الروسي في شرقي البحر المتوسط، وفي ظل وجود قاعدة عسكرية روسية في اللاذقية السورية.
وأضاف أن روسيا ومصر عقدتا اتفاقا نوويا جنبا إلى جنب مع صفقة أسلحة روسية إلى القاهرة، مما يعني عودة روسيا إلى مصر للمرة الأولى منذ أربعة عقود، مما يمثل انتكاسة للنفوذ الأميركي في المنطقة، وأشار إلى أن موسكو تخطط للبقاء في المنطقة فترة طويلة، خاصة في ظل اتفاقاتها النووية مع مصر والأسد، حيث تخطط موسكو لبناء منشأتين نوويتين للأسد في سوريا.
تراجع أميركا
وأشار إلى أن روسيا كانت أُجبرت على الخروج من الشرق الأوسط في حرب أكتوبر 1973 بين العرب وإسرائيل، لكنها الآن تعود بكل قوتها إلى المنطقة، خاصة عقب اتفاق القوى الكبرى مع إيران وتراجع الدور الأميركي في المنطقة.
وأضاف الكاتب أن روسيا تريد ملاحقة “الجهاديين الإسلاميين” القادمين إلى الشرق الأوسط من دول البلقان في جنوبي روسيا، الذين يشكلون قلقا كبيرا لموسكو، كما أن الرئيس بوتين مدرك لمواطن الغاز المكتشفة في المتوسط على الساحل السوري.
وأشار الكاتب إلى أن بوتين يعرف حجم التحديات التي قد يفرضها مشروع خط أنابيب الغاز الروسي داخل تركيا المتوقع اكتماله في 2017، الذي سيزود به أوروبا، وسط الخشية مع عدم قدرة موسكو على احتكار الغاز لأوروبا، خاصة في أعقاب التوتر الروسي التركي بعد إسقاط أنقرة القاذفة الروسية سوخوي24 لاختراقها مجالها الجوي.
وأضاف أن بوتين أشار في أكثر من مناسبة إلى أن تفكيك الاتحاد السوفياتي السابق كان أمرا مهينا، وبالتالي فإن بوتين يرى أنه يمكنه استعادة أمجاد الإمبراطورية الروسية مجددا، وذلك من خلال تقويض الدور الأميركي المهيمن على الساحة العالمية، خاصة في ظل سياسة الإذعان للأمر الواقع التي يمارسها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
فراغ
وقال الكاتب إن بوتين كان سعيدا لملء الفراغ الذي تركه أوباما في الشرق الأوسط، ويعده هدية السماء التي خلصت روسيا من حالة اليأس وقادتها إلى ذروة النفوذ في الشرق الأوسط، حيث يتقاطر قادة المنطقة للقاء بوتين من أجل التفاهم بشأن قضايا بلادهم.
واختتم الكاتب بالقول إن روسيا تعد في حال صعود في أرجاء المنطقة، ولكن الولايات المتحدة في تراجع، وأضاف أنه إذا كان أحد أهداف بوتين بوجوده بالشرق الأوسط هو إذلال الولايات المتحدة، فإنه قد تحقق له هذا الهدف، وأن أوباما يكون قد فتح الباب في الشرق الأوسط لبوتين على مصراعيه.
من جانبها، أشارت مجلة ذي ناشونال إنترست الأميركية إلى أن روسيا نشرت المزيد من الأسلحة الثقيلة على جبهات القتال الأمامية في سوريا، وأضافت أن موسكو ربما تريد أن تخوض حربا برية إلى جانب الحرب الجوية.
وأوضحت المجلة أن روسيا نشرت دبابات متطورة من تلك التي كانت تحتفظ بها في قاعدتها العسكرية في اللاذقية في شمال غرب سوريا.
وسيلة
وفي السياق ذاته، أشارت مجلة فورين بوليسي الأميركية إلى أن الرئيس بوتين يتخذ من محاربة الإرهاب وسيلة لتحسين الأحوال السياسية الأخرى، وأن بوتين أكد في أكثر من مناسبة ضرورة مواجهة روسيا الإرهاب في الخارج، وذلك بدعوى منعه من أن يضرب داخل روسيا.
وعلى صعيد متصل، أشارت صحيفة ذي غارديان البريطانية في افتتاحيتها إلى أن بوتين ركز في خطاب الأمة الذي ألقاه الخميس الماضي على الأزمة مع تركيا، وقال إن أنقرة ستندم إلى وقت طويل على إقدامها على إسقاط القاذفة الروسية.
المصدر : الصحافة البريطانية ,الجزيرة, الصحافة الأميركية