التقى شباب بعمر الزهور في تركيا القريبة من الحدود السورية كل له آماله وطموحاته البسيطة، لكن وجع وألم الفراق دائماً ما يكبت على أنفاسهم في لحظات الرجوع إلى الأيام الخالية مع الأهل والجيران.
زيد في الثلاثين من عمره تعرف على شباب من سوريا في مدينة قونية شاكياً لهم حالته الصعبة وضياع بوصلة الاتجاه الصحيح، يقول” دخنا وماعاد نعرف شو نسوي نكمل ونرجع مرة تانية لقصة اللجوء والبهدلة، نضل وضع معيشي بالكاد نقدر ناكل خبز، ولا نرجع مكسوري الخاطر بدون شي كل خيار أصعب من التاني”.
يؤكد صديقه حسين هذه الهواجس والآلام موضحاً “فالجميع هنا عزابية باركين بغرفة وحدة يادوب ملحقين مصاريفنا وأهالينا هنيك ميتين من الجوع على آمل نبعتلن خرجية يمشوا حالن فيها” يبدو أن حسين هو الآخر يحمل نفس المصائب والآلام، فمتى وجدت السوري عثرت على القصص المبكية الموجعة.
يشير سالم بتنهد كبير وحسرة جلية على وجهه وعينيه “نحنا بعمر إنو نفتح بيوت ونأسس لحياة عيلة وولاد حوالينا، مو لهلق مكانك راوح هاي مو عيشة،” ويستفسر عن الحل الذي من الممكن أن ينتشل أجسادهم قبل أرواحهم المنهكة من التعب، دون العثور عليه، الكل يشتكي الحال والغلاء وانعدام العمل.
يجمع الثلاثة على ركوب مغامرة اللجوء مرة أخرى بما فيها من أهوال ومصائب علّها تخفف شيئاً من وطأة المعاناة، لكن زيد الذي كان له سابق تجربة في التهريب إلى اليونان وصف حجم المعاناة التي يعيشها المهاجرون عند اجتياز الحدود وأن عليهم المشي 20 يوماً للوصول لبر الأمان ومن ثم إكمال الطريق، دون التطرق للمشاكل الكارثية التي قد تطرأ في الطريق، فمجرد اكتشاف أمرك يتم إرجاعك إلى تركيا بعد تجريدك من كل شيء حتى من لباسك، فضلاً عن عصابات التشليح التي تبحث عن المال ولا تجرؤ أبداً لمقاومتها، بل عليك الدفع لهم إن كنت خائفاً على حياتك، فحياتك عندهم أسهل من عقب سيجارة في فم أحدهم وسط الوديان السحيقة التي لا يرى أسفلها.
كلام زيد أوقف شعر جسد حسين وسالم اللذين لم يطرقا طريق الهجرة بعد، وحالهما يقول أن الانسحاب أو القبول بدفن أرواحهم قبل وقتها جراء الظروف القاهرة التي تتفنن بهم.
حالة الضياع التي يشعر بها الثلاثة عبارة موجزة عن مئات آلاف السوريين بل الملايين دون شعور بالدفء حتى في أشد الأوقات حراً في فصل الصيف.
قصة خبرية/طارق الجاسم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع