دفعت الأوضاع الاقتصادية الصعبة ونقص الخدمات في التجمعات والمخيمات الفلسطينية في سوريا، فلسطينيين لبيع ممتلكاتهم بهدف تأمين تكاليف رحلة اللجوء إلى البلدان الأوروبية، وهو ما أدى إلى تراجع أعدادهم بنسب كبيرة.
وتحدث عضو “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” الكاتب ماهر الشاويس، عن حركة بيع ممتلكات واسعة، مبيناً لـ”القدس العربي” أن عدم تحسن الوضع المعيشي بعد انتظار طويل أسهم مؤخراً في دفع الفلسطينيين للهجرة.
وأشار إلى شعور بالإحباط يسود أوساط الفلسطينيين في سوريا، قائلاً: “غالبية المتبقين في سوريا يشعرون بالندم لعدم مغادرة البلاد، خاصة أن العائدين للمخيمات يجدون صعوبة في ظل التحديات الماثلة جراء غياب الخدمات في المخيمات”.
وحسب الشاويش فإن أهم التحديات هو كيفية ترميم المنزل، وغلاء الأسعار وتأمين الاحتياجات الأساسية، مؤكداً أن نسبة الفقر والبطالة في أعلى معدلاتها.
من جانبه يقول منسق تجمع “مصير” الفلسطيني –السوري المحامي أيمن أبو هاشم: نحن أمام مخاوف على الوجود الفلسطيني في سوريا، ويضيف لـ”القدس العربي” أن غالبية المخيمات تعرضت للدمار الواسع من قبل آلة حرب النظام السوري. ويتابع أن القسم الأكبر من اللاجئين الفلسطينيين غادروا سوريا، وليس لديهم أي أمل بالعودة، بعد إحكام النظام والميليشيات الموالية السيطرة على المخيمات.
ويتهم أبو هاشم بتكريس الوضع المعيشي الصعب، وذلك بهدف تقويض الوجود الفلسطيني في سوريا، ويقول: “الحياة أصبحت مستحيلة في سوريا، وخاصة في العامين الماضيين”.
مخيم اليرموك
وفي مخيم اليرموك أكبر التجمعات الفلسطينية في سوريا، أكدت “مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا” أن المخيم الذي يقع في ضواحي دمشق الجنوبية، شهد خلال السنوات الثلاث الماضية ارتفاعاً ملحوظاً في ظاهرة بيع الأهالي لمنازلهم وممتلكاتهم، والمحال التجارية، وذلك بعد وصول البعض منهم إلى طريق مسدود وفقدان الأمل بعودة الحياة إلى المخيم جراء التعنت بمنح الموافقات الأمنية اللازمة لعودة للأهالي، والمماطلة في إعادة تأهيل البنى التحتية وإزالة الركام والدمار، بالإضافة لمصادرة ممتلكات اللاجئين الفلسطينيين.
ومن الأسباب الأخرى التي تدفع الفلسطينيين لبيع ممتلكاتهم هو التفكير بالهجرة والأوضاع الأمنية والمداهمات والاعتقالات، إلى جانب الشعور الدائم بالخوف من الاعتقال، وعدم الأمان في بيئة انتشر فيها اللصوص وعصابات السلب والنهب، على حد تأكيد المجموعة، لافتة إلى أن “سوء أوضاعهم الإنسانية وبؤسها الأثر الدافع الأكبر في بيع عدد من أبناء مخيم اليرموك لممتلكاتهم، للهروب من جحيم واقعهم المنهار والمتردي، حيث لجأ البعض منهم إلى بيع أو مقايضة أثاث منازلهم للحصول على المواد الغذائية الأساسية لسد رمق أطفالهم في ظل توقف غالبيتهم عن العمل بعد الشلل الذي أصاب معظم مرافق الحياة في دمشق وريفها”.
مخيمات حلب
وانتقالاً إلى مخيمات حلب، تتحدث المجموعة عن أسباب لا حصر لها وراء ظاهرة تنامي بيع أبناء مخيم النيرب لمنازلهم وممتلكاتهم، مؤكدة على لسان أحد أبناء المخيم الذي رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن الفلتان الأمني هو السبب الرئيسي للتفكير بالبيع والهجرة إضافة الى الوضع المعيشي المتردي والتدهور الاقتصادي، وحياة الناس باتت مليئة بالهموم والمشاكل والديون، في ظل عدم قدرتهم على تأمين احتياجات أسرهم اليومية الأساسية.
ويقول الشاويش إن هناك تغيراً في التعاطي مع ملف فلسطينيي سوريا من قبل النظام السوري بعد الثورة السورية، ويظهر ذلك في القرارات المتعلقة بشؤون المخيمات الفلسطينية والتجمعات، حيث يضع النظام تعقيدات على العودة، وهناك تباطؤ في السماح للأهالي بالعودة إلى منازلهم في المخيمات.
وتقول أرقام فلسطينية سورية إن أكثر من 200 ألف فلسطيني هاجروا من سوريا، منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011، غالبيتهم من سكان مخيم اليرموك، حيث تقدر أعدادهم بما يزيد عن 100 ألف لاجئ فلسطيني.