كما هو معروف أن للإعلام دور بارز وكبير في تغيير مجريات الأحداث والتأثير على الرأي العام خلال سنوات الحرب السورية، لما له من أهمية في نقل صورة الواقع دون تشويه أو تزييف للحقائق.
انشغلت وسائل الإعلام بكافة أشكالها مؤخراً بالمستجدات وآخر التطورات في سجن حماه المركزي بعد قيام معتقليه باستعصاء جديد داخله على خلفية إخلال قوات النظام وعدم التزامها بالبنود التي تم الاتفاق عليها سابقاً والتي تقتضي بالإفراج عنهم تباعاً، وإصداره أحكاماً بإعدام معتقلين جدد.
وبعد مواجهات حادة بين المعتقلين وقوات النظام التي حاولت بدورها اقتحام السجن عدة مرات لفك الاستعصاء، تمكن السجناء خلالها من أسر مدير السجن العميد “جاسم الحسين” وقائد شرطة حماه “أشرف طه” إضافة لـ 7 عناصر من الشرطة.
وتابعت وسائل الإعلام آخر المستجدات في السجن، ليخرج “رامي عبد الرحمن” مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان على قناة “فرانس 24” بمداخلة يتحدث فيها عن وضع السجناء ويفاجئ العالم بوصفه السجناء بـ “الإسلاميين” رغم عدم امتلاكه أي دليل يؤكد انتماء أي منهم لأي فصيل إسلامي متشدد إلا أن وصفه هذا جاء بمثابة الصفعة القاضية بحقهم وحجةً أمام النظام الذي تبنى هذا الوصف لصالحه ليقوم باستغلال ذلك ولتكون ذريعة له في حال حاول ارتكاب مجزرة بحقهم .
نشرت وسائل إعلامية عدة تسريبات ومقاطع فيديو وتسجيلات للمعتقلين داخل السجن وفي إحداها كانوا يناشدون العالم والأمم المتحدة للنظر بأمرهم واتخاذ قرار ينصفهم لينهوا المناشدة بجملة ” الله أكبر”، تلك الجملة التي هزت عروش الطغاة، واتخذها “عبد الرحمن” دليلاً لينسب إلى هؤلاء السجناء لقب “الإسلاميين”، علما أن معظمهم اعتقلوا بين عامي 2011ـ 2012، وهم سجناء مدنيون من طوائف مختلفة ويوجد بينهم سجينين علويين من بلدة مصياف، ولا ينتمون لأي فصيل بل هم سجناء سياسيون اعتقلوا بسبب مواقفهم المناهضة للنظام منذ بداية الثورة ولم حينها أي تشكيلات لفصائل إسلامية بما فيها تنظيم الدولة وغيرها.
وناشد المعتقلون من خلال الفيديوهات والتسجيلات الصوتية، الصليب والهلال الأحمر والمنظمات الإنسانية للنظر بوضعهم وملاحقة قضيتهم قبل أن يتخذ النظام كعادته إجراءات قمعية ووحشية قد تودي بحياتهم لتكون الحجة جاهزة ” قضينا على مجموعة من الإرهابيين المتشددين “، فلو كانوا كذلك لناشدوا الفصائل الإسلامية التي ينتمون إليها فالأدلة والبراهين واضحة، لكن ما كان قصد عبد الرحمن من وصفهم بذلك وهو على يقين وعلم مسبق بوجهة نظر الغرب تجاه الإسلاميين وبالأخص دول التحالف التي تقوم بقصف مواقع لهم داخل سوريا.
ورغم أن الوصف جاء كطعنة سكين لهم نظراً لمكانته في المرصد السوري ولتؤثر سلباً على الرأي العام وأمام الإعلام العربي والغربي الأمر الذي قوى من شوكة النظام وأضعف من فرص التعاطف معهم، كونه وضعهم ضمن خانة الإسلاميين وكأنه حكم عليهم بالموت دون أن يعلم، والحقيقة تنافي ذلك فما هم سوى أناس بسطاء خرجوا في ثورة الكرامة ليطالبوا بحرية وعيش كريم بعيدا عن أي تشدد أو أي تطرف وبغض النظر عن طوائفهم أو انتماءاتهم السياسية، فما ذنبهم إن كانت كلمة الله أكبر أصبحت في زمننا دليل تشدد ؟؟.
سماح خالد ـ المركز الصحفي السوري