كتب الأستاذ فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان أمس الأول الإثنين 28 نيسان (أبريل) في سياقات ما بعد النزاع، يُعترف دوليًا بأن الحق في السكن والأرض والملكية يُشكّل ركيزة أساسية لتحقيق السلام، وترسيخ العدالة الانتقالية، وضمان عودة آمنة وكريمة للاجئين والنازحين.
وتُظهر تجارب النزاعات حول العالم أن غياب حقوق ملكية واضحة وقابلة للتنفيذ يُعطل مسارات المصالحة، ويُقوّض جهود التعافي المستدام. إذ تُعد الملكية، في جوهرها، مظلةً للأمن الشخصي والاقتصادي، كما ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالهوية المجتمعية، والتماسك الاجتماعي، والثقة المدنية في مجتمعات ما بعد الحرب.
في هذا السياق الحرج، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مؤخرًا تقريرًا موسّعًا يُوثّق انتهاكات ممنهجة لحقوق السكن والأرض والملكية، ارتكبها نظام بشار الأسد، تحديدًا في محافظة درعا جنوبي سوريا. وبحسب التقرير، انتهج النظام بشكل مدروس مزيجًا من التلاعب التشريعي، والتدمير المتعمد، والتشريد القسري، والاستيلاء على ممتلكات المدنيين، كوسيلة لمعاقبة كل من شارك في انتفاضة 2011 أو أبدى تعاطفًا معها.
نُفّذت هذه السياسات تحت غطاء قانوني زائف، عبر مراسيم وتشريعات مثل القانون رقم 10 لعام 2018، والمرسوم التشريعي 66 لعام 2012، والتي لم تكن سوى أدوات لإعادة رسم الخريطة الديمغرافية والاجتماعية لسوريا، ومعاقبة المجتمعات الخارجة عن سيطرة النظام. وقد أدت هذه الانتهاكات المنهجية إلى تمزيق نسيج مجتمعات درعا، مما شكّل عقبة حقيقية أمام أي إمكانية لتحقيق سلام مستدام أو عدالة انتقالية حقيقية. كما أنها باتت تمثّل حاجزًا صلبًا يحول دون عودة مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين، ويُبقيهم أسرى المنفى والشتات القسري.