أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن تدمير روسيا حلب في شكل كامل، على طريقة غروزني، لن ينهي الحرب السورية، ملوّحاً بفرض عقوبات إضافيه على موسكو ودمشق. وأعلن أن الرئيس باراك أوباما «لم يُسقط أي خيار» مع استبعاد الحل العسكري. وجاء كلام كيري في ختام الاجتماع الوزاري لمجموعة «أصدقاء سورية» في لندن أمس، الذي عقد بعد يوم على اجتماع لوزان، في وقت واصل «الجيش السوري الحر» مدعوماً من أنقرة التقدُّم في شمال حلب، بعد طرده تنظيم «داعش» من دابق أحد معاقله الرمزية قرب حدود تركيا.
وقال كيري ونظيره البريطاني بوريس جونسون في ختام اجتماع لندن، إنهما سيواصلان إيصال رسالة إلى موسكو بضرورة وقف النار الفوري ووقف قصف حلب والعمل لإحالة الملف السوري على محكمة الجرائم الدولية. وحذّرا من أن الحلفاء الغربيين يبحثون فرض عقوبات على أهداف اقتصادية في روسيا والنظام السوري بسبب حصار مدينة حلب. وقال كيري إن قصف المدنيين في المدينة «جريمة ضد الإنسانية»، فيما حضّ وزير خارجية بريطانيا، موسكو على «إظهار الرأفة». ونبّه كيري إلى أن موسكو تدفع باتجاه حل شامل في سورية «يشبه الحسم الذي فَرَضَته على غروزني في الشيشان، عبر قتل مزيد من المدنيين». وأشار إلى أن أوباما «لم يُسقط أي خيار»، لكنه أكد عدم وجود خيار عسكري.
وشارك في الاجتماع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ووزراء خارجية وممثلو تركيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وقطر والأردن والاتحاد الأوروبي، إضافة إلى جونسون، لـ «بحث استراتيجية عامة لإنهاء الصراع السوري». وأوضحت مصادر أن كيري أطلع الوزراء الأوروبيين الذين لم تتم دعوتهم إلى لوزان على نتائج الاجتماع و «الأفكار الجديدة»، فيما حضّ جونسون على فرض عقوبات على موسكو ودمشق بسبب استمرار قصف حلب. واتّهمت قوى غربية روسيا والنظام السوري بارتكاب أعمال وحشية بقصف مستشفيات وقتل مدنيين ومنع عمليات الإجلاء الطبية في حلب، وكذلك باستهداف قافلة مساعدات، ما أسفر عن مقتل 20 شخصاً.
وكانت الخارجية الروسية كرّرت أمس أنه كي ينجح اتفاق أميركي- روسي لوقف النار «يجب فصل المعارضة السورية المعتدلة عن جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً) وغيرها من الجماعات الإرهابية التابعة لها». وتابعت: «في الوقت ذاته، يجب أن يكون مفهوماً أن العمليات ضد إرهابيي تنظيم داعش وجبهة النصرة ستستمر». وجاء في بيان الخارجية الروسية أن: «كل المشاركين في (اجتماع لوزان) أكدوا الحفاظ على سورية دولة موحدة مستقلة علمانية يحدّد السوريون أنفسهم مستقبلها من خلال حوار سياسي يجمع كل الأطراف».
وقال كيري: «هناك أفكار كثيرة يجب التعمُّق فيها سريعاً على أمل أن تساهم في حل المشكلات التي تعيق تطبيق وقف النار السابق» الذي تم التوصل إليه. وأضاف: «لا يمكنني الخوض علناً في تفاصيل هذه الأفكار، ولا أريد إفساح (المجال) للتكهُّنات». أما لافروف، فقال بعد الاجتماع في لوزان: «توافقنا على وجوب الاستمرار في الاتصالات خلال الأيام المقبلة». وتابع: «قلنا بوضوح إنه ينبغي بدء العملية السياسية في أسرع وقت».
وكان لافتاً أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو قال بعد اجتماع لوزان: «على عناصر جبهة النصرة الموجودين في مدينة حلب السورية، الانسحاب منها مباشرةّ ومن دون تأخير». ونقل موقع «ترك برس» عنه قوله إنّ « كل الأطراف التي اجتمعت في لوزان متّفقة على ضرورة حل الأزمة السورية بالطرق السياسية»، داعياً إلى «الإعلان عن وقف للنار يشمل كل المناطق السورية».
ميدانياً، سيطرت فصائل سورية معارضة تدعمها أنقرة على قرى إضافية في ريف حلب الشمالي بعد سيطرتها على دابق ذات الأهمية الرمزية لـ «داعش»، في خسارة للتنظيم قرب حدود تركيا. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «الفصائل الإسلامية والمقاتلة المدعمة بالدبابات والطائرات التركية مشّطت قريتي تلالين والصالحية القريبتين من دابق ومارع، لتستكمل بذلك سيطرتها على القرى المحيطة بدابق والواقعة شمال الخط الواصل بين أخترين ومارع». وأشار المرصد إلى «أن الفصائل العاملة في ريف حلب الشرقي ضمن «عملية درع الفرات» بسطت سيطرتها على نحو 2000 كيلومتر مربع من الأراضي السورية بريف حلب، في المثلث الممتد بين جرابلس ومارع وأعزاز، منذ بدء عملياتها داخل الأراضي السورية في 24 آب (أغسطس) الماضي».
الحياة اللندنية