“لا حدود للعلم” كلماتٌ قالها رجلٌ ستينيٌّ مشيراً إلى أن التقدم بالسن لن يكون عائقاً أمام تحقيق حلمه مهما بعُد المنال، فما قصة الحاج هويدي طالب الثانوية العامة.
الحاج هويدي جدٌّ في العقد السادس من عمره، ينحدر من مدينة الرقة، لم يثنيه تقدمه بالسن عن المثابرة في سبيل نيل مبتغاه، ليقبل على الدراسة في الثانوية العامة في عمر تجاوز 66 عاماً بغية نيل شهادة “البكولوريا” والانتقال بعدها لكلية الحقوق.
يجلس هويدي على كرسيه البلاستيكي يرتدي زياً رقاوياً شعبياً واضعاً نظارةً طبيةً، أمامه طاولةٌ افترشها بكتبه وأقلامه وطبقٍ فيه بعض الفواكه وكوب ماء وفنجان قهوة.
تارةً يقرأ ويكتب وهو جالس، وتارةً أخرى يحمل كتابه ويجول في ساحة المنزل مردّداً ما قد حفظه في جلوسه ليمضي معظم وقته على هذه الحالة.
يقول هويدي “أنا مقرر لو يصير عمري 90 سنة بدي أقدم على الشي هذا وآخذه” وضع “هويدي” ذاك الحلم نصب عينيه مصراً على تحقيقه عازماً على اجتياز كل الصعوبات والعوائق التي تعثّر مسيره في طلب العلم.
ثم يكمل الحاج هويدي قائلاً “إذا نجحت بالبكالوريا بدي أدخل كلية الحقوق وأدرس حقوق ولو بقيت 15 سنة في سبيل أني أنال شهادة الحقوق” .
ويتابع مسترسلاً “العلم لا يقف عند حدّ معين، ترى مو غلط ولا عيب طلب العلم في سن متقدم، وأنا أشجع كل كبير بالسن لم يتسنَ له الدراسة سابقاً أن يقبل عليها الآن”، ثم يختم حديثه بالحكمة الشهيرة “من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل”.
قصة الحاج هويدي الستيني لا تختلف كثيراً عن قصة شهناز طالبة الجامعة الأربعينية.
شهناز الشيخ امرأةٌ تبلغ من العمر 43 ربيعاً أقبلت على طلب العلم في صفوف طلاب الجامعة في مدينة إدلب، رغم كل العثرات والصعوبات التي تقف في طريقها، إلى جانب عملها كناشطةٍ.
تقول شهناز وقد رسمت على وجهها ابتسامةٌ مشرقةٌ بالأمل “عم روح على الجامعة رفقاتي كلهم صغار 18 سنة و 19 سنة يقولولي خالة أو عميمة، حتى العاملين في الجامعة يستغربوا من كوني طالبة فبقول لهم انو العلم ما له عمر معين”.
تحمل شهناز كتبها كأي طالبةٍ جامعيةٍ مرتديةً عباءتها السوداء الفضفاضة، يغطي رأسها وشاحاً أحمر اللون لتسير في رحلتها الشاقة بروحٍ شبابيةٍ متطلعةً لتطوير ذاتها وتحقيق هدفها المرام، متسلحةً بتشجيع أهلها، ومؤمنةً بقدراتها.
وفي النهاية وجهت شهناز رسالة للنساء والفتيات بقولها “لا ترمي فشلك على غيرك كوني أنت وثقي بنفسك كما لك اسمك الخاص وبصمتك الخاصة خلي يكون لك نجاحك الخاص و أثرك الخاص بالمجتمع”.
بقلم سدرة المنتهى
المركز الصحفي السوري
عينٌ على الواقع