أفاد الكاتب والمحلل السياسي التركي، إسماعيل ياشا، أن الإدارة الأمريكية لم تسمح بوصول الأسلحة المتطورة والصواريخ المضادة للطائرات إلى فصائل الثورة، بحجة أنها قد تقع بيد المنظمات الإرهابية، كما رفضت إقامة مناطق آمنة وفرض حظر الطيران لحماية المدنيين، وأعطت روسيا ضوءا أخضر للتدخل في سوريا وقصف ما يحلو لها.
جاء ذلك في مقال له بعنوان “أمريكا راعية الإرهاب والفوضى” نشره موقع “أخبار تركيا”، حيث أشار إلى أن النظام السوري قتل منذ بداية الثورة مئات الآلاف من السوريين بدعم من حلفائه، إلا أن الدعم الأكبر الذي تلقاه وجعله يرتكب كل هذه المجازر الفظيعة ويصمد أمام ضربات الثوار، جاء من الولايات المتحدة التي تظاهرت بأنها من أصدقاء الشعب السوري، ولكنها منعت عنه ما يمكن أن يدافع عن نفسه أمام قصف الطيران والبراميل المتفجرة.
وقال ياشا إن “الولايات المتحدة أقامت الدنيا ولم تقعد حين كانت مدينة عين العرب التي يسميها الأكراد كوباني محاصرة، لدرجة أن العالم ظن أن سوريا بعرضها وطولها تابعة لهذه المدينة الصغيرة. وكان تحالفها مع مليشيات وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ودعمها لخطة تقسيم سوريا واضحا منذ ذلك الوقت”.
وأوضح أن إدارة أوباما تصر على أن حزب الاتحاد الديمقراطي يختلف عن حزب العمال الكردستاني وتؤكد أن دعمها السخي سيستمر للأول، إلا أن هذا القول كقول أحد إن الفرع السوري لتنظيم داعش لا علاقة له بالفرع العراقي. ويعرف الجميع أن هذا الكلام غير صحيح كما أن قول واشنطن إن حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني لا علاقة له بالمنظمة الإرهابية لا يمت للحقيقة بصلة.
ولفت الكاتب التركي إلى أن “تركيا تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي ومليشيات حماية الشعب الكردية التابعة له منظمة إرهابية مثل حزب العمال الكردستاني، إلا أن الولايات المتحدة والدول الغربية تنكر وجود ارتباط تنظيمي بين حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي لتبرر دعمها لهذا الأخير.
وشدّد على أن الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة إلى مليشيات وحدات حماية الشعب الكردية تسليحا وتدريبا يعود إلى تركيا إرهابا. وألقت قوات الأمن التركية القبض على إرهابيين تسللوا إلى الأراضي التركية للقيام بعمليات إرهابية والقتال ضد قوات الأمن التركية بعد أن تلقوا تدريبات في معسكرات مليشيات وحدات حماية الشعب الكردية، كما ألقت القبض على أسلحة وذخائر تم إدخالها إلى تركيا من المناطق التي تسيطر عليها تلك المليشيات.
وأضاف أن الإدارة الأمريكية لا تخفي دعمها لمليشيات وحدات حماية الشعب الكردية، بل يضع الجنود الأمريكيون شارات تلك المليشيات على ملابسهم العسكرية ويقاتلون مع عناصرها جنبا إلى جنب في سوريا. وهذا الدعم الصريح للمنظمة التي تعتبرها أنقرة إرهابية يثير غضب القيادة التركية. وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو في تعليقه على تفسيرات البنتاغون لارتداء الجنود الأمريكيين ملابس عسكرية عليها شارات مليشيات وحدات حماية الشعب الكردية: “استخدام جنود دولة تعد شريكتنا، وحازمة في محاربة الإرهاب، شارات منظمة إرهابية أمر لا يمكن قبوله”، وأضاف ساخرا وغاضبا: “إن كان الجنود الأمريكيون يرتدون هذه الشارات من باب الأمن والحماية، فإننا ننصحهم بارتداء شارات تنظيم داعش وجبهة النصرة وتنظيم القاعدة إذا انتشروا في سوريا، وأن يرتدوا شارات بوكو حرام إذا ذهبوا إلى أفريقيا”.
وبيّن الكاتب التركي أن رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان هو الآخر أعرب عن استنكاره الشديد لوضع الجنود الأمريكيين شارات مليشيات وحدات حماية الشعب الكردية على ملابسهم العسكرية وأكَّد في كلمته التي ألقاها خلال زيارته لمدينة ديار بكر، أنه يحب ممارسة العمل السياسي بصدق وشفافية، قائلا: “هذا ليس ما وعدونا به”، في إشارة إلى ما تعهد به المسؤولون الأمريكيون خلال مباحثاتهم مع المسؤولين الأتراك.
وختم مقاله بالقول إن الولايات المتحدة تكيل بمكيالين حين ترفض اعتبار وحدات حماية الشعب الكردية منظمة إرهابية، وهي راعية الإرهاب والفوضى في العراق وسوريا واليمن وغيرها من البلدان. ولا يغير ارتداء جنودها أو عدم ارتدائهم ملابس عليها شارات المنظمات الإرهابية شيئا من هذه الحقيقة. والأخطر في الأمر أن تتظاهر واشنطن بأنها صديقة وحليفة لتطعن في الظهر، وأن تمارس سياسة “سلق الضفدع” والتسخين ببطء لامتصاص الغضب وردات الفعل لتفرض في نهاية المطاف واقعا يصعب تغييره إن لم يكن مستحيلا. والحل الامثل في مواجهة هذه المشكلة هو التمرد الشامل على المخططات الأمريكية، والقفز خارج القِدْر، لا الشجب والاستنكار والتذمر مع البقاء في الماء المغلي.
ترك برس