ربما استمرار الانتهاكات لحقوق الإنسان حقيقة مرافقة لسياسة الأسد وحلفائه ممن فقدوا الشرعية الدولية وارتقوا بعنفهم الممنهج الذي يمارس على أضعف المخلوقات من شيوخ وأطفال ونساء وارتقوا بممارساتهم تلك إلى جرائم حرب، لا بد أن يعاقبوا عليها يوماً ما حين يخرج المجتمع الدولي عن صمته المعتاد ويطلق ألسنة تطالب بالمحاسبة الدولية.
عاد القصف من جديد لينهي ساعات هدوء قصيرة، علق عليها المدنيون المحاصرون في حلب أملاً في النجاة من موت رهيب، رهيب بكل معنى الكلمة، لأنه معلّق بقوة الحديد والنار، وارتفاع وتيرة اتّباع سياسة “العصا” من كافة الأطراف الداعمة للنظام سواء المليشيات الطائفية أو الإيرانيون أو الروس أولئك الذين غيروا معادة موازين القوى على الأرض السورية.
على الرغم من استعداد المدنيين في المناطق المحاصرة في حلب وتجهيز عشرات الجرحى والمصابين لإخراجهم بعد أن انحسرت الأرض من تحت أقدامهم لعشرات الكيلو مترات المحاصرة والمتبقية بيد المعارضة شرقي حلب، جاءت “عصا” الحليفة الإيرانية لتوقف اتفاقاً روسياً بشأن الإجلاء لتظهر صفقة معدّة خارج سوريا من خلف ظهر الأسد الذي بات في عرف السياسة “الحلقة الأضعف بين حلفائه الداعمين والتي تكمن قوته الظاهرة والمستمرة في حياة سلطته على الأرض في مدى قوة الحلفاء.. فقرار الأسد تحصيل حاصل، كون من “بيده القوة فله الكلمة الفصل”.
بالطبع من المسلمات منذ سنين مضت من عمر النزاع على أرض سوريا، كان الدعم الروسي سياسياً وعسكرياً هو من أعطى نظام الأسد العمر المديد في الاستمرار والحياة
حيث إن إيران التي تعمل جاهدة لتدخل شروط إضافية تتضمن السماح لخروج جرحى من بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب وتطالب بتسليم الأسرى المحتجزين لدى قوى المعارضة، ليأتي مع عرقلتها السؤال الذي بات مكشوفاً أمام السوريين.
أين سلطة نظام الأسد بين مضي بتحقيق روسيا أهدافها الإجرامية تارة وعرقلة إيران تارة أخرى، أم أنها سقطت مع أول تدخل للحلفاء في سفك دماء أبناء الوطن؟
عاد القصف ليخيم أجواء الرعب على المدنيين الذين ما لبثوا أن خرجوا إلى الشوارع يتنظرون إجلاءهم، لتعود المخاوف التي لم تغادر نفوسهم من جديد، وتعيدهم إلى مخابئهم التي اعتادوا المكوث فيها مع أحزانهم التي لا سبيل للتخلص منها مع كابوس الحصار الخانق الذي يعيشونه منذ زمن طويل.
“أي ضمانات وأي أمان” تلك تعبيرات أحد المحاصرين في حلب وهو يعود للقبو المظلم بخطوات سريعة، متابعاً حديثه الذي يغلب عليه طابع السخرية قائلاً “قال ممرات آمنة وضمانات لخروج المدنيين.. آه لازم ما نشك للحظة بأن نظاما قتل شعبه من أجل كرسي زائل مالو أمان وضمان”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد