أظلم المكان و خفق القلب بسرعة، لم نستطع أن نبصر أمامنا سوى مقر تنظيم الدولة، الحقيقة الوحيدة التي علمناها عندئذ هو هلاكنا إن رآنا أحدهم.
أمي أمي .. !!!
كيف ستصعدين !!! أنت في مكان ونحن في مكان آخر ؟! ناديت أمي بصوت منخفض يقطعه خوف أكل فؤادي، لا تقلقي يا ابنتي سيكون عمك معك ولن يتركك، و ستكونان خلفنا، اصعدي ولا تخافي، ترد علي .
هل ستتركيني و تذهبين ؟! لا لن يحدث هذا يا ابنتي .. هيا بسرعة، صعدت أمي إلى السيارة وصعدت أنا و إخوتي مع عمي في السيارة الثانية.
كانت سيارتنا خلف سيارة أمي مباشرة لكن لم نكمل المسير، علقنا في الطريق و تعطلت السيارة، لكن أين تعطلت !!!!
أمام مقر تنظيم الدولة، يالخوفنا الذي لم يدركه الزمان ولا المكان، وكأني انتقلت للآخرة وعشت وكأني ميتة.
بدت نظرات الخوف على عمي، و سكن جسمه و لسانه، وكانه ينتظر موته، قال له صديقه : أين أين سآخذهم الآن !! ثلاث فتيات أتعلم إن أمسكوا بنا ؟!! ماذا سيحل بهؤلاء الفتيات !! و السيارة التي علقت ماذا نفعل بها، أخذ عمي يتجول للبحث عن منفذ بهدوء و ترقب، مرتجف القلب، خائف، الرعب سيطر عليه.
لا تخف أنا سأبقى مع السيارة و أقول لهم أنني علقت وكنت ذاهباً إلى منزلي و أنت خذ الفتيات قبل أن يحل بهم مكروه، هذا ما قاله صديق عمي، لكن عمي استمر بالبحث عن طريق النجاة والحياة بعد عناء، هيا هيا بسرعه اركضن دون إصدار أي صوت، يا إلهي الشارع الوحيد للخروج هو أمام مقرهم مباشرة، ماذا إن امسكوا بنا يا عمي؟!! لا لن يمسكوا، فقط اعبرن بدون إصدار أيّ صوت.
عبرنا ذاك المكان بصعوبة ومعاناة، ولكن بعد ركض مسافة لا بأس بها وجدنا سيارة أمي و أكملنا سويا بعد تعب ومعاناة، الظلام يسيطر على المكان بل وسيطر على قلوبنا الخائفة؛ نسمات الهواء التي كانت تسكن الأجواء، كانت كشخص يطاردنا ويزيد الرعب فينا.
بعد كل هذا التعب وصلنا الأراضي المحررة، لم نطمئن حتى تعالى فوق رأسنا صوت الرصاص ليزيد الرعب والخوف في قلوبنا، اخفضي رأسك بسرعه، عمي ما هذا ؟! لا شيء يا صغيرتي، هذا فقط لأنهم ظنوا أننا من تنظيم الدولة، توقف الرصاص وعبرنا الطريق للحياة .
بقلم : شيماء قادرو
المركز الصحفي السوري