أكثر من 8.5 مليون طفل في سوريا تأثروا بسبب النزاع، سواء في داخل البلاد أو كلاجئين في الدول المجاورة، وبحسب التقرير فإن الأطفال السوريين من عمر 6 سنوات يدخلون ميدان العمل وخاصة في الأردن ولبنان، وأن نصف العائلات التي شملها التقرير يعتبر الطفل هو المعيل الوحيد لها.
في ضواحي بيروت يعمل كريم ابن الخامسة عشر في كراج سيارات، بجسده النحيل الممدد تحت السيارة يصلح السيارات، فقد عرف ببراعته في هذه المهنة بعد تدريب لأكثر من أربع سنوات، كريم نزح هو وعائلته في السنة الثانية للثورة، ليلتحق في سوق العمل بسبب الغلاء في لبنان هو وإخوته الأربعة ووالده.
لم يستطع كريم دخول المدارس فهي مرتفعة التكاليف بالنسبة له، ” لما كنت بدوما كانت المدرسة ببلاش، كنت حب مدرستي وحب آنساتي بس ما بعرف شو صار فيهم”، خوف عائلة كريم من قصف النظام المتكرر لمدينة دوما أجبرهم على ترك بيتهم واللجوء للبنان، ليصبح بيتهم بعد أقل من سنة ركاما بعد قصف الطيران السوري المتكرر له، فحلم العودة أصبح بالنسبة لكريم من المستحيل.
تؤكد الطبيبة النفسية “ناجية” ذلك بقولها:” إن الأطفال الملتحقين بسوق العمل يتعرضون لجميع أنواع العنف وخاصة الجسدي بالضرب في كثير من الأحيان وكما أنهم يتعرضون للاعتداء الجنسي، وأن الكثير منهم يتقاضون أجورا متدنية جدا، مستغلين وضعهم وحاجتهم للمال، وعمالة الأطفال تساعد على انتشار الجهل في حال عودتهم إلى وطنهم”.
” كل يوم تزيد الصعوبات التي تواجه عائلتي في لبنان، فصاحب العمل دائما يهددني بالطرد في حال طلبي إجازة لكي أرتاح بها”، فبعد فرض الكفيل في لبنان ودفع كفالة تصل لـ150 دولار أصبح وضع السوريين في لبنان في غاية القسوة والصعوبة، فكريم يتقاضى من عمله حوالي 200 دولار في الشهر، في ساعات عمل طويلة تصل في بعض الأيام لـ12 ساعة عمل.
حين تنظر بدقه لجسد كريم النحيل تجد جروحا قديمة عليها، ليحكي :” بيوم من الأيام كنت عم ألحم حديد مع معلمي لوحدة من السيارات بالغلط وقع علي سيخ الحامي ، انحرقت ايدي وصار ينزل الدم منها”، ليكمل كيف أن صاحب العمل غضب منه بسبب عدم انتباهه واكتفى بلف يده بقطعة قماش مع معقم جلبه له من الصيدلية القريبة من كراج العمل، فجميع العاملين الأطفال لا يكون لهم ضمان صحي في حال تعرضهم لضرر أثناء العمل.
يجلس كريم في أثناء استراحة الغذاء ليغني أغاني ثورية يحبها حفظها حين كان في دوما، ويصر أنه مهما طال الزمن سيسقط النظام ليعود إلى دوما ويبني بيته ومدرسته من جديد، فحتى لحظة قصف الطيران الروسي والسوري والبراميل المتفجرة أفقدت الأطفال أكثر من 2400 مدرسة.
أماني العلي …
المركز الصحفي السوري