قال كبير مفاوضي وفد المعارضة السورية في جنيف، محمد علوش، إن “النظام يتّبع طرقًا في الكبت الأمني على المواطنين، ولو أراد أحد إطلاق لحيته فيحتاج إلى رخصة من الأوقاف، ثم الذهاب إلى الفروع الأمنية من أجل اعتماد الرخصة بإطلاق اللحية”.
وأضاف علوش، في حوار مع وكالة الأناضول: “أنا معي رخصة من وزارة الأوقاف بأنه يحق لي إطلاق لحية، فانظروا للتناقض بين موظفي النظام في الأوقاف والخارجية”، (في إشارة إلى تصريحات رئيس وفد النظام السوري في مفاوضات جنيف بشار الجعفري).
وكان الجعفري قد صرّح، الأربعاء الماضي في جنيف، بالقول: “شَرطي للجلوس مع كبير المفاوضين التابع لوفد المعارضة (محمد علوش) الاعتذار، وحلق لحيته”.
لم نأتِ لندافع عن اللحية
وشدّد علّوش بالقول: “نحن أتينا هنا للدفاع عن قضية شعب، ونحمل قضية المعتقلين والمحاصرين والمعذبين والمشردين حول العالم، ومن يموتون في البحار غرقًا، السوريون هم أهلنا وأبناؤنا جئنا ندافع عنهم، ولم نأتِ لندافع عن لحية، رغم أننا نعتقد أنها أمر شرعي”.
وأكد أن “النظام تعوّد التدخل في خصوصيات الناس، فالعُرس (حفل الزفاف)، وتسجيل مولود، وحتى الزبّال (عامل النظافة)، بحاجة لموافقة أمنية”.
وأضاف: “أقول للجعفري وأمثاله إن تلك الحياة انتهت، ولم يعد عليك سلطة للشعب بأن تأمر وتنهي كما تشاء، يمكنك أن تأمر مَنْ لا يزال يأتمر بأمرك من العبيد عندك، أما نحن فانطلقنا إلى زمن حرية، لا سلطة لكم أبدًا عليها، ولن تعود لكم السلطة مهما طال الزمن”.
وفي معرض تعليقه على سير المفاوضات أوضح علوش أن “وفد المعارضة كان متجاوبًا ومتفاعلًا بشكل كبير وإيجابي عالي المستوى، لإيجاد حل عادل يحقن دماء السوريين، ويحقق الهدف الذي خرجت الثورة من أجله، مع المحافظة على مبادئها وأهدافها، وقدَّمنا تصوُّرنا بشكل مكتوب وخطيّ، على شكل وثائق وجدول عمل، وتصوّرنا حيال تنفيذ القرارات الأممية، للوصول لتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، تدير البلاد سواء بالسلطات الرئاسية والبرلمانية، حتى يكون لدينا تحقيق عملية انتقال حقيقي للسلطة”.
النظام لا يريد حلاً
ولفت إلى أن “النظام لا يريد حلًا لما يجري في سوريا”، مشيراً إلى أن الأخير “قدم ورقة كأنه يقول فيها إنه لا يريد تطبيق الحلول التي تؤدي لما يرغب فيه الشعب، وأدخل نقاطاً ليست ضمن إطار التفاوض”.
وأوضح علوش أنهم “طلبوا من (المبعوث الأممي ستيفان) دي مستورا تقديم رؤيتهم للنظام، ويبقى الحل بالنسبة للمعارضة معلومًا، بإنشاء هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، تدير شؤون البلاد، وتنشئ دستورًا جديدًا، يتبعها عملية انتقال للسلطة، أما النظام فقدم تصورًا مختلفًا تمامًا، وعبر عنه دي مستورا بأن الفرق كبير بين الطرفين”.
كما ذكّر بأن “الجميع شاهد عودة المظاهرات التي خرجت تؤيد وترفع السقف أكثر من السقف الأول للثورة، وأنها تريد إسقاط النظام، ودعم موقف الهيئة في التفاوض”.
وعن توقعاته بالنسبة لسير المفاوضات وموقف المعارضة منها، قال: “لدينا خط واضح وبيّنا هذا للأمم المتحدة ومجموعة الدول الداعمة، بأن الذي يمثل الثورة هو هذا الوفد (المعارضة)، ولا نريد أن نتطرق لحلول سميتها بالمتوسط الحسابي، نحن لا نتفاوض على حكومة خذ كرسياً وأعطني آخر، أو خذ اثنين وأعطني واحداً، ما نبحث عنه هو أن ما يجري في سوريا هو نتيجة استيلاء عصابة استهدفت الدولة والحكومة ومؤسساتها والشعب، ومنذ 50 عامًا يمارس الكبت، والإرهاب، وتكميم الأفواه، والسجون مليئة”.
سلاح الغذاء لتركيع الناس
وتابع علوش بالقول: “النظام يستخدم سلاح الغذاء لتركيع الناس، وهذه جريمة بحد ذاتها، ونطالب الأمم المتحدة والدول بالضغط على روسيا أولًا؛ لأن فريق المصالحة مشكّل من ضباط روس، وروسيا لها يد في إثارة الهدن المناطقية، التي تقوم على مبدأ المصالحة مقابل الغذاء، وهذه جريمة حرب منكرة، ولا يزال يستخدمها”.
وأوضح أن “النظام عندما يرسل وزارة الخارجية وموظفيه فهذا دليل على أنه لا يريد الحل، بل يريد كسب الوقت لإعادة ترتيب صفوفه وأوراقه، ويظن أن الوقت لصالحه، ويريد إعادة موازين القوى التي أخلّ بها التدخل الروسي، وزارة الخارجية لا تملك قرارًا في سوريا، إنهم موظفون معتمدون”.
وأضاف “لو كان النظام يريد الحل لأرسل ضباطه الأمنيين الكبار لحل القضية، لكنه لا يريد الحل، وهذه الجولة ستمر، أثبتنا حُسن النية ودخلنا، ولم تنفذ الإجراءات الإنسانية، وقدمنا رؤيتنا لهيئة الحكم الانتقالي، وقمنا بما علينا، والدور على الأمم المتحدة، ولا يمكن أن نستمر في سياسة تقديم الأوراق، ونحصل على إجابات موثقة، وهذه الإجابات من النظام، وليس من الموظفين”.
الروس لم ينسحبوا بل ناوروا
أما خطوة الخروج الجزئي الروسي فذهب علوش إلى أن “الدخول لم يكن مطمئنًا، كان عدوانًا، وما حصل عشرات من المجازر، 67 مدرسة قُصفت، ودُمرت مراكز طبية ومشافٍ، وهُجّر عشرات الآلاف، ودُمرت القرى، وبعض المناطق دخلت في مناطق الحصار”.
واعتبر “خروج الروس كان بسبب التكلفة الباهظة للحل، وهم يريدون العودة، نحن نرى أنها مناورة وليست انسحاباً، ولكن خطوة إيجابية أن ينسحبوا، وأن لا يكونوا في سوريا”.
ولفت إلى أن “ثمة توحشاً من النظام، فأمس السبت على سبيل المثال وقعت غارات في عدة مناطق، في بالا والمرج وحرستا والقنطرة، بريف دمشق، وبراميل سقطت على داريا، وبعض المناطق الأخرى، وهناك استنفار على الجبهة، وكأن النظام يريد أن ينفذ أعمالاً ليس لخرق الهدنة، بل لهدمها من جديد”.
وعن موقفهم من الهدنة وتواصلها، قال علوش: “كل يوم قادة الفصائل على الأرض يعيدون تقدير الموقف، ومن حقهم الرد على كل خرق وبحزم وبقوة، وليس شكليًا، ويمنعون النظام من التقدم في بعض المحاور الاستراتيجية، ومن حق الثورة الرد في أي وقت تريده”.
وأضاف: “فصائل المعارضة (ميدانياً) كانوا مرنين لإعطاء فرصة للحل السياسي، ولكن العراقيل بدأت من النظام، وبدا واضحًا أنه يضيق من جهته على فرص الحل”.
وأعلن المبعوث الأممي دي ميستورا، في وقت سابق، أن الجولة الحالية من المفاوضات التي تعمقت الإثنين الماضي، قد تستمر إلى 24 مارس/آذار الجاري، تعقبها فترة راحة لأسبوع أو 10 أيام، تنطلق بعدها جولة جديدة تستمر لنحو أسبوعين.
هافينغتون بوست عربي