واشنطن بوست تكشف في تقريرٍ لها أمس، عن دور عالمٍ سوريّ في التخابر مع السي آي إي، ونقل معلوماتٍ عن البرنامج الكيماوي السوري وكيف انتهى به الأمر.
شاهد… قصة أملاك ليلى التي عرفت بموت زوجها المعتقل من خلال صورة
جاء في التقرير نقلا عن القدس العربي بتصرّفٍ:” لقد تمت خيانتك، الحكومة تعرف عن نشاطاتك السرية كلها ومن الأفضل الاعتراف وطلب العفو بناءً على الخدمات التي قدمتها للجمهورية”، قال آصف شوكت لأيمن.
اعترف العالم السوري “أيمن” بكل شيءٍ وأخبر المخابرات السورية بلقاءاته مع ” السي آي إيه” وبالمعلومات التي نقلها للأمريكيين والحسابات المالية في الملاجئ الآمنة . وقال أن أحدا لم يكن يعرف بنشاطاته لا رفاقه ولا زوجَتيه بل عمل هذا بنفسه.
أستاذٌ جامعيٌّ موهوبٌ يصلح لمهمة جاسوسٍ، ميزاتٌ غير متوفرةٍ في السوريين العاديين، سمي بـ “الصيدلي” تمويها.
حليق الوجه، بنظاراتٍ صغيرةٍ وشعرٍ أشيب وبدلةٍ تشبه بدلة مندوب مبيعاتٍ، يتكلم الإنكليزية بلهجةٍ أمريكية.
درس العالم السوري أيمن في أمريكا منذ طفولته، وأمضى شبابه فيها قبل أن يعود إلى بلاده ليصبح خبيرا في صناعة الأسلحة الكيماوية.
القصة بدأت في دمشق عام 1988، حاول التواصل مع الأمريكيين في مؤتمرٍ علميٍّ عُقد في أوربا، طلب أيمن من صديقه أن يمرّر رسالةً للسفارة الأمريكية القريبة.
تأخرت السي آي إيه بالرد، وفي محاضرةٍ لأيمن بجامعة دمشق اقترب منه شخصٌ عشرينيّ، فقال له أيمن” لم اتفاجأ كنت انتظرك، ونادني بـ أيمن”.
حذفت الواشنطن بوست اسم العائلة كي لا ينتقم النظام من أفرادها.
بعد اندلاع الثورة عام 2001 في سوريا، خافت أمريكا على السلاح الكيماوي السوري بعد أن أمضت 14 عاماً من التخابر مع أيمن.
وأمريكا تعلم حجم الأسلحة الكيماوية ومخابئها في سوريا.
3 مسؤولين أمريكيين أمنيين كانوا يلتقون بأيمن، دعا أيمن أحدهم لبيته وسط دمشق، لتقدم زوجتا أمين الاثنتان القهوة للضيف الأمريكي، ليبدأ أيمن بالشرح للضيف الأمريكي، وسط ذهولٍ من الأمريكي لما يقوله أيمن…
ما هو مشروع الشاكوش؟ و المعهد السري 3000
المخابرات الأمريكية عرفت مسبقا بمركز الدراسات والأبحاث المقام على تلةٍ تطل على العاصمة دمشق. وحدةٌ سريةٌ تُعرف بــ” معهد 3000″، كان أيمن أبرز المسؤولين فيها. ويعمل على إنتاج مواد سامةٍ توضع على رؤوس الصواريخ، واسم المشروع” الشاكوش”.
معهد 3000 أنتج مواد سامةً قاتلةً منها غاز السارين استخدم في خنادق الحرب العالمية الأولى في أوربا. انتقلوا إلى مراحل أعلى مركزين على عوامل الأعصاب وهي أسلحة كابوسية أنتج السوريون أنواعا عدةً منها.
أيمن يذهل الأمريكيين بغاز سارين معدل
استمع عميل سي آي إيه لما قاله أيمن السوري، قائلا: يجب أن تحذروا اليهود”. كلما ذكر السارين شعر العالم أيمن بنشوةٍ لإبداعه في السارين بمعهد 3000
من الصعب على أمريكا وروسيا إنتاج السارين أثناء الحرب الباردة، يفقد السارين فاعليته من طول الوقت.
لكن العالم السوري أيمن طوّر طريقةً ذكيةً ينتج “سارين ثنائي” يخزن بطريقةٍ منفصلةٍ ولا يمزج إلا في اللحظات الأخيرة
وواحد من السائلَين هو كحول “إيزوبروبيل” العادي، والثاني قاتلٌ يعرف باسم “دي أف” ويحتوي على عناصر ومواد إضافيةً ساهم أيمن في اكتشافها، وحفظت قوة السارين بين فترة المزج، ولم تكن أي دولة قد أنتجت السارين، قد طورت هذه المعادلة بعد.
نقل العميل الأمريكي حديث أيمن ببرقيةٍ سريةٍ للسي آي إيه، وأصبح أيمن يتلقى راتبا ينقل لحساب خاص له في ملجأ آمن، وطلب من المخابرات صدق التعامل معه.
في نهاية كانون الأول 1988، أرسل أيمن رسالةً مشفرةً لمسؤول سي آي إيه، للقائه، في سيارة بيجو قريبةٍ من السفارة الأمريكية بدمشق، وسلمه طردا صغيرا وقال: ” عيد الميلاد قريب وأنت مسيحي، هذه هدية الكريسماس”.
أخذ مسؤول سي آي إيه الطرد ونقله لشقته وفتحه مع خبراء لتجنب أي مفاجاةٍ، فتحوه لتظهر قارورةً صغيرةً فيها مادةٍ سائلةٍ
وضعت بصندوقٍ زجاجيٍّ مقوى ونقلت بحقيبة دبلوماسية لأمريكا
أخذت القارورة بسرعةٍ لمختبرٍ عسكريٍّ وفتحها خبراء وحللوا المادة، وكانت النتيجة مبهرةً، استطاعت دولةٌ صغيرةٌ على قائمة العقوبات إنتاج تحفةٍ كيماويةٍ قاتلةٍ.
زاد مخزون السارين الثنائي إلى ألف و300 وألف و500 طن، وغاز الخردل وفي إكس.
افتضاح الأمر..
دام التخابر 14 عاما بين أيمن وسي آي إيه، وكبر حسابه المالي من الدولارات التي حصل عليها نقل أيمن إلى شققٍ فارهةٍ وملك العالم، غنيّ وعالمٌ محترمٌ وتحت إدارته فريقٌ كبيرٌ من العاملين.
جاء الأمن السوري لمركز الدراسات والأبحاث نهاية 2001 أخذوا أيمن لآصف شوكت الذي أزعجه ثراء وتزايد غنى أيمن ليوقع أيمن ويعترف لآصف بك لشيء، ذهل آصف وجدت المحكمة أيمن مذنبا بالخيانة العظمى في محاكمةٍ سريةٍ لم يعرف بها، تم وصفها لمركز الأبحاث لتلقينهم درسا، كما ذكر تقرير الوشانطن بوست.
منح أيمن معاملةً خاصةً فهو خائنٌ وبطلٌ قوميٌّ بنفس الوقت، سمح لزوجتيه وأولاده بمغادرة سوريا، ونقل أيمن لسجن عدرا، تم إيقاظه صباح نيسان 2002 ونُقل معصوب العينين إلى ساحة السجن وأعدمته فرقة الجنود.
محمد إسماعيل
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع