تحت قصف متواصل من التحالف الدولي، وعمليات “لتنظيم الدولة” بات من الصعب خروج الأهالي من الرقة للحياة الطبيعية وتلك مسألة تستغرق بعض الوقت، في حين يزداد بشكل يومي سقوط عشرات القتلى والجرحى بين صفوف المدنيين الأبرياء ممن وجدوا أنفسهم فجأة بين طرفي الكماشة.
عشر أيام قضتها “أم عباس” الهاربة من الموت (35 عاماً) مع عائلتها التي تتميز بصغر أفرادها الستة والتي لم يتجاوز أكبرها تسع سنوات، بعد أن كانوا دروعاً بشرية لقوات التنظيم التي حكمت المدينة منذ سنوات، لتصل إلى مسقط رأسها إدلب المدينة.
بدموع تأبى أن تفارق حديثها كشفت وهي ترتجف خوفاً وحزناً قائلةً “قتل زوجي بالقصف وسيق آخرون من قبل التنظيم فكل رجل مشتبه به حتى يثبت العكس، ليسوا انتحاريين أو مسلحين بل مدنيين خسروا كل شيء.. وعزة النفس قبل كل شيء”.
آلاف من الأهل في الرقة لم يبق لهم ما يحتفظون به، ربما الرقة لن تعود لما كانت عليه ولن يعود أهلها قريباً ولن يذوقوا طعم الأمان غداً، قد يبقى بعضهم في دائرة الشبهة فترة لأنهم كانوا تحت حكم “تنظيم الدولة” وهل كان لديهم خيار آخر؟!.
تقص “أم عباس” ما جرى معها وتتابع “اضطررت للنوم مع أبنائي في العراء وتحت أشعة الشمس الحارقة.. أما الأصعب أن تمشي وانت تعلم أن الأرض ملغمة ومن الممكن أن تتلاشى في الهواء في أي لحظة.. وبالطبع المهرب الذي يساعد بعملية التهريب ويتقاضى ألاف الدولارات لا يملك لك شيئاً من أمور السلامة آه.. كم شاهدنا جثث أفراد تناثرت من جراء الانفجارات ما شكل عقدة نفسية لأبنائي الصغار”.
حتى بعد الفرار لا يزول الخوف من الانتقام المزدوج ومن المستقبل المجهول، أحياء دمرت بالكامل وتحتاج لمليارات الدولات لإعادة إعمارها ركام وحجارة وأطلال منازل هذا ما يخلفه حكم “التنظيم” والحرب عليه لشهور طوال، ومن أهلها الناجين من جحيم المعارك وويلاتها يبقى.. النفس لا غير.
“أندريه ماهيستش “يتحدث بسم مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة في جنيف قائلاً “إن عشرات الآلاف من السكان محاصرين في الرقة، التي لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة، وتقدر الولايات المتحدة وجود ما بين 30 ألف إلى 50 ألف من السكان المحاصرين في الرقة، توفر الغذاء والماء والأدوية والكهرباء وغيرها من الاحتياجات الأساسية يتناقص بشكل مستمر في ظل وضع آخذ بالتدهور، من المهم أن يحصل السكان المحاصرون على معبر آمن ليصلوا إلى الأمان والحماية”.
قرب انتهاء معارك تجري في “الرقة” قد لا يكون خاتمة الأحزان لأهلها فهم بانتظار العودة إليها يوماً ما، وسيكتفي مئات الآلاف بترتيب أنات الحنين للوطن .
ويبقى السؤال المحير لآلاف العالقين والمحاصرين من أبناء الرقة، متى سنحصل على الأمان والحماية؟!.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد
الثورة والناس
============================