هل توقعت أنّ ما تخافه كل يوم وتهرب منه ربما تضطر أن تجابهه كبطل مغوار وتكون الملاذ المخلص منه؟
هل دأبت على طلب المؤازرة من عدو ولكنك بعد فترة وبمحض الصدفة كنت الصنديد الجسور في وجهه؟
كثيراً ما أسير بخطى مفعمةٍ بالسعادة نحو العمل، تعكر صفوه خوفي من كلاب تقبع بالطرقات أتلفت خلفي علّي أجد ماشياً، يقطع توجسي من الكلاب الشاردة.
في صباح ليس كالعادة، وإذ بفتاةٍ بعمر الورد لا تتجاوز الحادية عشر عاماً، تسيل من عينيها دموع تغسل خديين كصفاء السماء، اقتربت منها: ما بك؟ فأجابتني بنبرة طفولية “أنها تريد متابعة طريقها وتخشى من كلب في دربها”.
توقفت يا للهول إنه عدوي اللدود، ماذا أقول !! تقمصت البطولة وقلت بنبرة حادة قوية في ظاهرها هشةٍ في باطنها، (كالقطة التي ترى خيالها على الحائط أسد في وقت الظهيرة): لا تخافي أنا معك.
وسرت بقربها، بفكر شارد يستحضر مقاطع مرئية حقيقية لكلاب تنهش بالمارة، ويبحث عن حلول غير واضحة ماذا أفعل لو هاجمنا الكلب، ماذا أفعل لو نبح بوجهي لربما أسقط مغشيةً علي.
أُوقف عجلة ذهني وأعود لواقع مخيف يجعلني في مواجهة مع الكلب الذي تفصلنا عنه خطوات قليلة، وأقول للطفلة سيري لا تخافي وأحدّثُ نفسي: معك حق أن تبكي، لو لا مخافة أن يراني أحد لبكيت كلما قابلت كلباً.
تابعنا السير والخوف يزداد بي أكثر من الطفلة، فالبطولة التي تختبرها جدران التحدي، ستزول عني بمجرد أن أتلقى “نبحةً” واحدة.
طريقي ليس بالطويل جداً، بل كيلو مترا فقط، لكنّ الرهبة جعلته بلا نهاية، تابعنا بخطىً مثقلة للخلف، حاولتُ مراراً شحذ همتي، وإيهام الطفلة أني لست خائفة، لكنها لو أمعنتْ بتعابير وجهي قليلاً لرأت اصفراراً يصبغ شفتاي ولو اقتربت مني لسمعتْ نبضات قلبي تطرق كقارع طبل يحضّر لغزو عدو.
حاولت خفض ضرباته وتذكرت المثل القائل ( ضعيفين غلبا قويا ) يعني سنغلبه سننتصر نعم أهل الأمثال لا يقولون إلا الصحيح أنا والطفلة ضعيفتان لكننا سننتصر، شارفت الطفلة على الوصول لنقطتها المبتغاة.
هذا يعني أني سأُغدو وحيدةً مما زاد خوفي، لم تدرك الطفلة أنها تحرسني كما أحرسها، كان الكلب قد توارى عن أنظارنا إلى وجهة غير معروفة، ربما ينتظر في الحارة التي سأدخلها وحيدة بعد قليل، تابعت “محوقلة مبسملة “داعيةً الله أن أصلَ لوجهتي دون لقاء بالكلب.
https://www.facebook.com/syrianpresscenter/videos/603403098034883
النهاية: سأترك للقارئ الإبحار في خياله وكتابة ما يحلو له، وأذكره قصتي حقيقية اجتزأتها من واقعي فاختر لها نهايةً وكما قال درويش “البداية أخت النهاية” أو أختاً تليق بها.