تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي يوم الجمعة 25 نيسان (أبريل) صورًا ومقاطع فيديو لمظاهرة نادرة في ساحة الأمويين بدمشق، رفع خلالها متظاهرون لافتات تدعو إلى “الرفق بالحيوان” وتندد بسياسة قتل الكلاب الضالة.
وجاءت هذه التظاهرة ضمن سلسلة احتجاجات شهدتها العاصمة السورية خلال السنوات الماضية، خصوصًا بعد إعلان محافظة دمشق عام 2023 عن إعدام 61 كلبًا ضالًّا، معظمها من الريف المحيط بالمدينة، ردًّا على شكاوى مواطنين حول تعرّض أطفال لعضات.
بعد أن تصاعدت حملات السلطات السورية السابقة في الحد من الكلاب الضالة عبر أساليب مثيرة للجدل كالطعوم السامة والرصاص، حيث أعلنت عن قتل 300 كلب منذ مطلع 2024 ، ولا سيما في المناطق القريبة من الريف.
ويرتبط تفاقم الأزمة بآثار الحرب السورية التي حوّلت المناطق المدمرة إلى بؤر لتجمع الحيوانات الضالة، ما زاد من حوادث العضّ، خاصة في الأحياء السكنية القريبة.
عقبات قانونية تعيق جهود الحماية:
تواجه الجمعيات المعنية بحماية الحيوان ، مثل “الجمعية السورية لإنقاذ الحيوانات” التي أسستها الناشطة سارة أورفلي عام 2018 ، عراقيل كبيرة، أبرزها اشتراط موافقات أمنية معقدة للإشهار، فضلًا عن منع التمويل الأجنبي بسبب العقوبات الدولية.
ومع أن الحكومة الانتقالية أعلنت عن مراجعة قانون الجمعيات لتوسيع نطاق العمل الأهلي، إلا أن الناشطين يراقبون في جدواها لتشمل الحماية البيئية تطبيقًا لمعايير قانونية دولية.
واقع مرير وقوانين عاجزة:
لا يوجد في سوريا قانون خاص بحماية الحيوان، بل تُنظّم الممارسات عبر مراسيم قديمة في قانون العقوبات تجرّم “إيذاء الحيوانات” بشكل عام دون تفاصيل. ورغم انضمام سوريا لاتفاقية “سايتس” (CITES) عام 2003 لحماية الأنواع المهددة، يبقى التطبيق ضعيفًا. كما لم تُوقّع دمشق على “الإعلان العالمي لحقوق الحيوان”، وتتجاهل معايير منظمة الصحة الحيوانية (OIE) التي تحظر استخدام السموم في القتل وذلك بسبب الحرب وضعف الرقابة البيئية.
وأثارت احتجاجات الرفق بالحيوان ردود فعل متباينة، حيث دعمها نشطاء ومواطنون اعتبروا قتل الحيوانات الجماعي للحيوانات”جريمة غير إنسانية”، واقترحوا حلولًا بديلة كتحويل نفايات المطاعم إلى أعلاف للحيوانات.
في المقابل، برزت أصوات مؤيدة لإجراءات الحكومة، خاصة من عائلات تعرّض أطفالها لهجمات كلاب، بينما انتقد آخرون أولوية هذه المطالب في بلد يعاني من أزمات إنسانية طاحنة.
حق التظاهر.. بين النص الدستوري وأولويات الواقع:
ينص الدستور السوري (المادة 44) على حق التجمّع السلمي، لكن الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات إنسانية أو اقتصادية تبقى في صدارة أولويات الشارع. وفي ظل غياب الدعم الفني والمالي من المنظمات الدولية، تبدو جهود تحسين واقع الحيوانات رهنًا بتضافر نادر بين إرادة رسمية انتقالية جديدة وتضحيات ناشطين يعملون وسط أزمة اقتصادية وإنسانية عانت منها سوريا لسنوات.