صدمة في المحكمة الألمانية بعد شهادة حفار القبور السوري عن حال جثث المعتقلين
أثارت شهادة “حفار القبور” التي أدلى بها في الجلسة 31 الأخيرة الأسبوع الماضي، لمحاكمة متهمين بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب السوري، دهشة وصدمة لدى صحافيين ألمان استمعوا لشهادته في محكمة كوبلنز، والتي شبهوها لجرائم النازيين.
نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” اليوم، شهادة رجل ملقب بـ “حفار القبو” الذي كان موكلا بدفن الجثث التي تأتي من السجون والمشافي لسوريين معارضين للنظام السوري، حيث تقول الصحيفة أن حفار القبور لم يستطع نسيان جثة امرأة كانت في أسفل ردمة الجثث التي كان ينقلها لدفنها في مقبرة جماعية في دمشق، فلا زالت تلك المرأة تعانق رضيعها الميت بين ذراعيها. يتذكر حفار القور تلك اللحظة فينهار بالبكاء وتطلب القاضية استراحة له ليستعيد أنفاسه ويتابع.
وقالت الصحيفة أن صورة أخرى لا زالت عالقة في ذهنه أكثر من غيرها.
مثل تلك التي شاهد فيها رجلا بين كومة من مئات أو آلاف الجثث، مازال يتنفس حتى أمر الضابط السوري المسؤول بسير المجرفة التي تحفر القبور الجماعية فوق جسده، لتحوله جثة بين كومة من الجثث، فالرجل الذي لم تكشف المحكمة عن اسمه ولا هويته, دخل متنكرا مخبئا وجهه خلف قناع لم ينزعه طوال 3 ساعات هي مدة إدلائه بشهادته.
وأكدت الصحيفة أنه منذ انطلاق المحاكمة في مدينة كوبلنز في 23 أبريل الماضي والعالم يستمر للمرة الأولى بصدمة شديدة لما يعيشه السوريين منذ سنوات، من تعذيب وقتل.
ونقلت الصحيفة حديث أنور البني المعارض السوري: “أن الصدمة التي شعر بها الألمان لم تحدثها قط معرفتهم بأن هذه الجرائم حصلت في سوريا، بل لأن عددا منهم قارنها بما حدث أيام النازيين ومحاكمات أوشفتيز”.
ويضيف “أن الصدمة الكبرى هي في حقيقة أن هذه الجرائم ما زالت تتحدث في سوريا حتى الآن” ويشير “البني” كما تقول الصحيفة إلى أن الشاهد “حفار القبور” كان مازال يعمل على دفن المعتقلين حتى عام 2017، حين غادر البلاد ما يؤكد أن هذه الجرائم ما زالت تجري في معتقلات سوريا حتى الآن. والشيء الأهم هو الحلقة المفقودة والسؤال الأزلي حول ” أين تذهب جثث المعتقلين؟ ويقول: بتنا نعرف، كما نقلته الصحيفة عن لسانه.
مقابر جماعية:
وتابعت الصحيفة أن حفار القبور تحدث بالفعل عن جثث كانت تحمل بشاحنات مبردة تأتي من كل الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية وحتى المدنية. وقص على المحكمة كيف تم تكليفه بمرافقة شاحنات تحمل الجثث 4 مرات كل أسبوع، باتجاه مقابر جماعية، وروى أن المخابرات أمنت له شاحنة صغيرة من دون لوحة وعليها صور بشار الأسد.
وقال أن عدد الشاحنات كان يتراوح بين واحدة وثلاثة تنقل مئات الجثث المكدسة فوق بعضها وكل شحنة ترافقها لائحة بأسماء المراكز الأمنية التي جاءت منها الجثث، كما تقول الصحيفة.
ولم يكن للجثث أسماء بعضها كانت وجوهها مشوهة، ربما بالأسيد، كانت مجرد أرقام، ورموز محفورة على الجبين أو الصدر، بعضها كانت يداه لا تزال مقيدة خلف ظهره، وجميعها ملطخة بالكدمات أو الدماء بأظافر مقلعة ، وقدر حفار القبور عدد الجثث التي كانت تنقل إلى المقابر الجماعية في كل نقلة بين 300 و 700 جثة.
وحدد كذلك مسار الشاحنات التي كانت تنطلق إلى المقابر الجماعية فجرا بين الرابعة والخامسة، من مستشفيات تشرين وحرستا والمزة العسكرية، إلى مقبرتين جماعيتين في القطيفة شمال دمشق، ونجها جنوبها، وهناك تفرغ الجثث في حفرة عملاقة بعمق 6 أمتار وطول 100 متر، ويستغرق ملئ كل حفارة قرابة 150 نقلة.
وعنونت الصحيفة بمقالها:
صوت رسلان وجهه
هناك أدلة تثبت أن “رسلان” كان محققا في الفرع 251، أو ما يسمى معتقل الخطيب فإن أدلة أخرى، وكان “رسلان” يعطي الأوامر بالتعذيب فالمتهم “رسلان” يرفض الحديث في المحكمة ويتحدث فقط عبر محاميه كان قد اعترف في استجواب سابق مع محقق ألماني قبل أن تبدأ المحاكمة بأنه استجوب أحد الشهود الأساسيين في المحكمة وهو وسيم المقداد، العازف السوري، المشهور الذي وصل لاجئا إلى ألمانيا.
ورغم أن راوية رسلان للمحقق الألماني حول استجوابه للمقداد كانت مختلفة عما تحدث به الشاهد، فإنها كانت اعترافا ضمنيا منه أنه هو المحقق والآمر بالتعذيب، كما تقول الصحيفة.
وتنقل الصحيفة، أن الشهود حتى الآن لم يتعرفوا على وجه “رسلان والبني”.
يؤكد لـ ” الشرق الأوسط” أن الجلسات المقبلة ستشهد مثول شهود يمكنهم التعرف على وجه رسلان، لأنهم كانوا قد شاهدوه في السجن بسوريا.
وأما “إياد الغريب”، الذي وصل ألمانيا عام 2018، اعتقل بعد أن أدلى بشهادته أمام دائرة الهجرة في ألمانيا واعترف بأنه كان يعمل مع المخابرات السورية، وهو يرفض التهم الموجة له من المحكمة، وفي الجلسة الأخيرة من المحاكمة المشتركة مع “رسلان” أعلنت القاضية أن ملف الغريب سيتم فصله عن محاكمة رسلان في الأشهر المقبلة والجرائم التي ينهم بها الغريب ليست بالمستوى نفسه، مقارنة بالتهم الموجهة لرسلان التي تعد عقوبتها أشد بكثير .
صحيفة القدس العربي، عنونت: شهادات مروعة عن مقابر جماعية في سوريا يكشفها حفار القبور من خلف ستار في محكمة كوبلنز الألمانية.
واستفتحت مقالها بالحديث عن نفس القصة التي رواها حفار القبور والتي نقلتها صحيفة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أنه رأى “طفلا مذبوحا بين يدي والدته المتوفاة وهو ما جعله ينهار عند ذكر الحادثة”.
ونقلت الصحيفة كذلك كلام المحامي “أنور البني” أن الشهادة التي قدمها حفار القبور تعادل “صور قيصر” مع أن الأعداد التي ذكرت أكثر بكثير.
وقالت الصحيفة أن “البني” أكد أهمية الشهادة تكمن وراء كشفها حلقة مخفية لمصير الجثث التي كشفت عنها صور قيصر, كما أنها تكتسب أهميتها بسبب كشفها عن الأعداد الضخمة التي تمت تصفيتها في المعتقلات أوفي المدن والقرى التي اجتاحتها قطعات جيش النظام الهمجية في داريا والمعضمية وفي دوما واللسيدة زينب وصحنايا والحجر الأسود والمخيم, حيث قتل الكثير من الأطفال والشيوخ والمدنيين والآن يتوضح لدينا مصير هذه الجثث. وأضاف البني للصحيفة أن المساحة تتوسع الآن أكثر فأكثر في جبل الجليد الذي لم نكن نرى منه غير رأسه في السابق.
كما يعتبر القائمون على هذه القضية أن شهادة حفار القبور تكتسب أهمية خاصة كونها لا تتعلق بالفرع 251 فقط، بل بالمنظومة المتحكمة في سوريا ككل.
وحول أصعب المواقف التي ذكرها حفار القبور قال البني: إنها الروائح الهائلة التي تنبعث من البرادات عند فتحها، والناتجة عن تخزين جثث الضحايا لأيام إلى أن يكتمل تحميل البراد بجثث الضحايا: “عندما يُفتح باب البراد، وبسبب تراكم الجثث لمدة طويلة داخل البراد تنبعث الرائحة كقنبلة غاز قوية جداً، إذ أنهم يقومون بتكديسها على دفعات ريثما تمتلئ الشاحنة بالكامل» بهذا السبب برر الشاهد عدم قيامه بدفن الجثث القادمة من الأفرع بشكل شخصي، بل الاكتفاء بالوقوف بعيداً قرابة العشرين متر، ومراقبة العمال وهم يقومون برمي الجثث من البراد إلى الحفرة حتى يصلوا إلى الجثث المكدسة بنهاية البراد، والتي غالباً ما تكون مليئة بالمواد المخاطية نتيجة التحلل أو بالديدان، بسبب انعدام الهواء داخل البراد والتخزين لمدة طويلة. كما تنقل الصحيفة.
وقالت الصحيفة: لكن الشاهد قام بدفن جثث سجن صيدنايا بنفسه مع العمال، وعن هذه الجثث قال «لم تنبعث منها رائحة لأنها جثثٌ حديثة، أخبرنا الضباط بأنهم أعدموا في اليوم نفسه. غالباً يبدأ الإعدام الساعة الثانية عشرة ليلاً، ويتم الدفن الساعة الرابعة صباحاً، ولكنني رأيتُ آثار الحبل الملتف على رقابهم وآثار التعذيب أيضاً، وعموماً كانوا يأتون مكبلي الأيدي مع أرقام ورموز مكتوبة على ملصقات وُضِعت على جبهات وصدور الجثث، وقد حدث ذات مرة أن أحدهم لم يكن ميتاً بعد بل كان يلفظ أنفاسه الأخيرة، فأمر الضابط بأن تـمر الجـرافة فـوقه.
أيضا روى للصحيفة قصة الرضيع المذبوح بين يدي أمه.
المحكمة كما تذكر الصحيفة تنظر إلى الصورة الأكبر وأنور رسلان والفرع 251 هما جزء من هذه الآلة الجهنمية وآلة الإجرام الكبيرة, وهذا بحد ذاته شيء إيجابي يؤكد مساعينا إلى جعل محكمة حقيقية لبشار الأسد.
وزمرة المجرمين الذين يسيطرون على سوريا بقوة إجرامهم بالحديد والنار.
قراءة في الصحف / المركز الصحفي السوري
محمد إسماعيل