قالت صحيفة بولتيكو الأميركية إن دبلوماسيا سابقا وجنديا في القوات الخاصة الأميركية حصلوا على الضوء الأخضر للتعامل مع قسد وتطوير حقول النفط الخام في شمال شرقي سوريا.
ونشرت الصحية تحقيقا كشفت فيه عن أسماء الأشخاص المساهمين في الشركة التي تعاقدت مع قسد لتطوير حقول النفط، وذكرت من بينهم السفير الأميركي السابق إلى الدنمارك السيد جيمس كين، وجيمس ريز، وهو ضابط سابق في قوات النخبة التي تعرف باسم الدلتا التابعة للجيش الأميركي.
وفي الآتي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لكامل التحقيق.
قامت شركة أميركية بصياغة عقد مع السلطات الكردية في شمال شرقي سوريا يقضي بتطوير وتصدير النفط الخام في تلك المنطقة بموجب اتفاق سري باركته الحكومة الأميركية بعد أشهر من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب استبقاء قواته لتأمين النفط بحسب ما ذكرته شخصيات عدة مطلعة على هذا المشروع لصحيفة بوليتيكو.
وقد توصلت لهذه الاتفاقية شركة معروفة على نطاق ضيق تترأسها شخصية عسكرية سابقة مرتبطة بالجيش بالإضافة إلى مسؤولين دبلوماسيين عبروا عن نقمتهم تجاه حكومة بشار الأسد التي لم تعترف باستقلالية السلطات الكردية. وقد وصف وزير الخارجية السوري تلك الاتفاقية بأنها غير قانونية، وذكر بأن الهدف منها هو سرقة النفط الخام من سوريا.
وتمهد هذه الاتفاقية الطريق للهدف الأميركي الذي حددته الإدارة منذ أمد بعيد وهو مساعدة الكرد السوريين الذين تحالفوا بقوة مع الولايات المتحدة لقتال تنظيم الدولة ولدعم موقفهم في المنطقة، حيث لا يواجه هؤلاء نظام الأسد المتوحش فحسب بل أيضاً الحكومة التركية، ويسعى هؤلاء لتأمين سبل جديدة لمساعدة وتلبية حاجات المدنيين الذين علقوا في تلك المنطقة بسبب الحرب الأهلية في سوريا.
تجدر الإشارة هنا إلى أن اسم هذه الشركة هو دلتا كريسنت إنرجي ذ.م.م أو هلال الدلتا للطاقة وهي شركة محدودة المسؤولية أُسست في ديلاوير في شباط 2019، بموجب رخصة عمل خاصة بها، ومن الشركاء المساهمين فيها نذكر السفير الأميركي السابق إلى الدنمارك السيد جيمس كين، وجيمس ريز، وهو ضابط سابق في قوات النخبة التي تعرف باسم الدلتا التابعة للجيش، وجون بي دوريير جونيور، وهو مسؤول تنفيذي سابق لدى شركة غالف ساندس أي رمال الخليج للبترول، وهي شركة نفطية مقرها المملكة المتحدة ولديها فروع ومكاتب في سوريا فضلاً عن تجربتها في التنقيب فيها.
وقد دخلت هذه الشركة في محادثات مع الكرد لمدة استمرت لأكثر من سنة، ولم تحصل إلا على رخصة تبيح لها العمل من قبل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية وذلك في نيسان/أبريل الماضي بحسب ما أورده مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية ومصدر سوري اطلع على تلك المحادثات. وهكذا تم الترتيب والاتفاق على تكرير واستخدام بعض من النفط المتوفر محلياً وأيضاً تصدير بعضه عبر شمال العراق وتركيا بحسب ما ذكر هذان المصدران.
يذكر أن وزارة الخزانة الأميركية فرضت عقوبات على سوق النفط السورية، ففي آذار/مارس عام 2019 أصدرت إدارة ترامب أوامر تقضي باستهداف الشركات التي تعمل على تسليم وتمويل شحنات البترول التي تضم نفطاً سورياً لصالح حكومة البلاد، وكان الهدف من ذلك معاقبة نظام الأسد على الفظائع التي ارتكبها خلال الحرب الأهلية التي دارت رحاها في البلاد.
غير أن البنتاغون ووزارة الخارجية الأميركية تعاونتا طيلة فترة طويلة بهدف تمكين الكرد السوريين من الاستفادة من النفط الخام الموجود في منطقتهم، بحسب ما أوضحه مسؤول سابق في إدارة ترامب. وكانت الفكرة تقوم على أن العوائد المترتبة على النفط يمكن أن تساعد الكرد في التعامل مع الوضع الإنساني المتردي في البلاد التي مزقتها الحرب، ويشمل ذلك مخيمات النازحين التي بقيت مزدحمة لسنوات طيلة الحرب الأهلية بحسب ما ذكره أحد الأشخاص.
وحول ذلك يعلق السفير كين بالقول: “الهدف هو إعادة الإنتاج لما كان عليه قبل الحرب الأهلية وقبل العقوبات. وقد بذلنا جهداً كبيراً في تقديم النصح لوزارة الخارجية ولم يكن الهدف من ذلك هو الحصول على موافقتها، إنما رغبة منا بمعرفة ما إذا كان هذا يخالف مصالح السياسة الأميركية، إلا أن أحداً لم يكفّ يدنا عن ذلك”.
هذا وقد رفض الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على المنطقة بعد تحالفها مع الولايات المتحدة التعليق على هذا الموضوع، كما رفض الناطق باسم وزارة الخزانة الأميركية مناقشة موضوع هذه الاتفاقية يوم الاثنين الماضي، حيث أورد في رسالة إلكترونية ما يلي:
“لا تعلن وزارة الخزانة بالعموم أو تقدم تفاصيل ومعلومات حول طلبات الحصول على رخصة أو الرخص الخاصة التي تم إصدارها بما أن المعلومات الموجودة ضمن تلك الطلبات والقرارات محمية بموجب قانون الخصوصية، وقانون الأسرار التجارية، وغيرها من القوانين الناظمة للسلطات التي تصدر تلك التراخيص وهي تابعة لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية”.
جدير بالذكر بأن الاتفاقية ذكرت للمرة الأولى خلال جلسة الاستماع التي عقدتها لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ يوم الخميس الماضي، وذلك عندما سئل وزير الخارجية مايك بومبيو حول هذا الموضوع وكان من وجه له السؤال هو السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام من جنوب كارولينا.
وهكذا ذكر بومبيو بأن الإدارة تدعم هذه الاتفاقية وقال بأن الهدف منها هو تحديث وعصرنة حقول النفط على حد تعبيره، وأضاف: “لقد استغرق الاتفاق مدة أطول مما توقعنا، لكنا أصبحنا الآن في مرحلة التنفيذ”.
في حين أورد غراهام لصحيفة بوليتيكو يوم الاثنين الماضي بأن الشركة ستوافيه بمعلومات موجزة حول مخططاتها خلال هذا الأسبوع، وقال: “أعتقد أن هذه الشركة ستحسن من فرص بقاء واستمرارية حقول النفط في شمال البلاد بحيث ستظل قادرة على تقديم مزيد من الإنتاج. ومن حيث المبدأ من الأجدى برأيي أننا بدلاً من أن نقوم بكتابة الشيكات وتوقيعها أن نقوم بمساعدة الناس على مساعدة أنفسهم”.
هذا وقد تصدرت وزارة الخارجية الأميركية تلك الجهود بإشراف جيمس جيفري، الممثل الأميركي الخاص بالتدخل في سوريا والمبعوث الخاص للتحالف الدولي لمحاربة داعش، حسبما ذكرت نائبته السيدة جويل رايبورن، وهي مسؤولة سابقة لدى إدارة ترامب.
إلا أن الجميع سكتوا وأخفوا أمر هذه الاتفاقية خوفاً من انتقام روسيا التي تدعم نظام الأسد وتنشر جيشها وقواتها شبه العسكرية في عموم المنطقة وذلك حسبما أورده مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية وكذلك مصدر سوري مطلع.
وبالرغم من أن الناطق باسم الخارجية الأميركية رفض التعليق على هذا العقد فإنه أشار إلى أن الحكومة الأميركية تدرس تلك الطلبات “حسب الحالة وذلك لتفويض تدخل أفراد أميركيين في الأنشطة التي تعتبر محظورة عادة”.
وأضاف: “إننا لا نتدخل في القرارات التجارية لشركائنا المحليين، إلا أننا بناء على المسألة والقضية العامة نعمل على ضمان توافق عقوباتنا مع مصالح سياستنا الخارجية واستهداف العنف المتواصل لنظام الأسد ضد الشعب السوري. ثم إن النفط السوري للشعب السوري، وإننا سنبقى ملتزمين بوحدة الأراضي السورية. كما أن حكومة الولايات المتحدة لا تمتلك أو تسيطر أو تدير موارد النفط في سوريا، بل إن السكان الموجودين في المناطق التي تم تحريرها من داعش هم من يتخذون قراراتهم بأنفسهم في ظل حكم محلي”.
وحتى الآن تعتبر شركة دلتا كريسنت الشركة الوحيدة التي حصلت على رخصة للعمل في سوريا منذ أن تخلت القوات العسكرية الأميركية عن تلك البلاد في شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وتعمل شركة دلتا كريسنت تحت حماية قوات سوريا الديمقراطية والجيش الأمريكي في شمال شرق سوريا بحسب ما ذكرته مصادر.
أما الناطقة الرسمية باسم البنتاغون السيدة جيسيكا ماكنولتي فقد نوهت إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية “ليست لديها أية ارتباطات مع أية شركة خاصة فيما يتصل بحقول النفط الموجودة في شمال شرق سوريا”.
لكنها أضافت بأن القوات الأمريكية في تلك المنطقة تقوم: “بتأمين البنية التحتية الحساسة بالنسبة لقطاع البترول في شمال شرق سوريا وتمنع داعش من الوصول إلى الموارد والعائدات الأساسية” وذلك لأن المقاتلين في السابق استعانوا بتلك العائدات التي حصلوها من حقول النفط الموجودة في تلك المنطقة لتمويل عملياتهم الإرهابية، وأضافت: “لن نسمح لذلك بأن يحدث مرة أخرى”.
كما أشارت تلك الناطقة إلى أن الموارد النفطية “تقدم حالياً بعض التمويل اللازم لقوات سوريا الديمقراطية حتى تقوم بعملياتها” أي ضد تنظيم الدولة.
وتقوم خطة هذه الشركة على بيع النفط السوري لعدد من الزبائن في المنطقة، ومن المحتمل أن يكون الأسد بينهم، وكذلك الثوار الذين تدعمهم تركيا وكردستان العراق، عندها يمكن لكل تلك الأطراف أن تقوم ببيع ذلك النفط في الأسواق الأجنبية بحسب ما أورده مصدر سوري مطلع.
في حين ذكر كين بأن الشركة قد تبيع منتجاتها “مباشرة في الأسواق الأجنبية وبأسعار السوق بحيث يمكن الاستفادة من تلك العائدات لإعادة بناء الاقتصاد ومساعدة الناس”.
يذكر أن السيد ريز عسكري سابق في قوات الدلتا ومؤسس شركة أمنية واستشارية خاصة في شمال كارولينا واسمها تايغرسوان، ولقد ذاع صيت هذه الشركة السيئ منذ سبع سنوات وذلك عندما رفع ضباط من شمال داكوتا دعوى عليها لقيامها بتقديم خدمات أمنية خاصة داخل تلك الولاية دون حصولها على ترخيص وذلك عقب قيام الشركة بإرسال وكلاء لها لقمع الاحتجاجات التي قامت ضد خطوط النفط العابرة لداكوتا، والتي تقوم شركة يملكها ممول ترامب كيلسي وارين بتشغيلها.
وقد أنكرت شركة تايغرسوان حينها كل تلك التجاوزات ثم أسقطت الولاية تلك الدعوى بعد رحيل الشركة عن شمال داكوتا.
هذا وقد باءت كل محاولاتنا في الوصول إلى دوريير بالفشل، فقد ترك شركة غالف ساندس في أواخر العشرية الأولى من الألفية الثالثة، بحسب ما أوردته تقارير إخبارية صدرت حينها. في حين لم يرد الناطق الرسمي باسم شركة غالف ساندس على رسائلنا الإلكترونية التي طلبت منه التعليق على ذلك.
نقلا عن تلفزيون سوريا