باتت التجربة السورية والأحداث التي تشهدها منذ ما يزيد عن 9 سنوات، عبرة لكل من يريد أن يتعظ ويعتبر، حيث أدرك العديد من الدول أنّ ما تشهده سوريا من دمار وخراب قد يلحق بها أيضا، ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة، وما لم يتم الحفاظ على وحدة الأرض والشعب.
الكاتب والإعلامي التركي “مراد جاباش” تطرّق في مقالة نشرتها صحيفة “يني مساج” تحت عنوان (النفط السوري يُنهب)، إلى مشروع الشرق الأوسط الكبير، موضحا بأنّ الهدف الرئيس للمشروع ليست سوريا ودول الجوار، وإنما تركيا، محذرا من عواقب لا يُحمد عقباها بالنسبة إلى بلاده، ما لم يتم اتخاذ الخطوات اللازمة، واستخراج العبر مما يحدث في سوريا.
وذهب الكاتب إلى أنّ حرب الوكالة التي تشهدها تركيا في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير، والتي يتم تنفيذها من خلال التنظيمات الإرهابية، أدّت إلى فقدان سوريا وحدةَ أراضيها وشعبها، لافتا إلى أنّ منطقة شرق الفرات، التي تحتوي على 90 بالمئة من النفط السوري، تحوّلت بدعم الولايات المتحدة الأمريكية لمنطقة إرهابية فيها العديد من القواعد الأمريكية.
وذكّر الكاتب بأنّ 90 بالمئة من النفط السوري، ونصف احتياطاته الطبيعية تحت سيطرة تنظيمي “بي واي دي” و”واي بي جي” الإرهابيين والمدعومين من قبل أمريكا، مضيفا: “على الرغم من أن وزيرة خارجية أمريكا السابقة “كونداليزا رايس” عبّرت عن المشروع بأنّه يهدف إلى تغيير حدود وأنظمة 22 دولة إسلامية، إلا أنّ الأنموذج السوري -وبصورة عملية للغاية- أظهر لنا بأنّ المشروع عبارة عن احتلال أمريكي للدول الإسلامية بواسطة التنظيمات الإرهابية”.اتفاقية جديدة بين التنظيمات الإرهابية وشركة أمريكية لنهب النفط السوري
وأعلن “ليندسي غراهام” السيناتور الجمهوري المعروف بقربه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في مؤتمر حضره الخميس المنصرم بمشاركة وزير الخارجية “مايك بومبيو”، عن اتفاقية تمّ توقيعها بين تنظيمي “بي واي دي” و”واي بي جي” وشركة أمريكية، حيث أكّد استمرار مباحثاته مع “عين العرب” وأنّ الأخيرة أكّدت له عن توقيعها لاتفاقية مع شركة نفط أمريكية من أجل تشغيل النفط في سوريا.
وذكر الكاتب جاباش تعقيبا على ما سبق، تصريحا ورد على لسان أحد مسؤولي تنظيم “قوات سوريا الديمقراطية” (ميليشيا قسد) والذي أفاد فيه بأنّ الاتفاقية التي وقّعت بين التنظيم وشركة “دلتا كريسنت إنرجي” اعتراف سياسي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بما يُسمى بـ “الإدارة الكردية الذاتية”.
وتابع الكاتب: “أمريكا تحاول الحفاظ على وجودها في سوريا من خلال إدارة ذاتية، وها هم بألسنتهم يصرحون بذلك، والأستاذ الجامعي الراحل “حيدر باش” كان قد قال منذ مطلع عام 2000 (بأنّ الاحتباس الحراري سيؤثر بشكل كبير وسلبي على الولايات المتحدة الأمريكية، ولهذا فإنّ الأخيرة ستبحث عن وطن لها في منطقة أخرى)، وما تشهده سوريا اليوم هو انعكاس لهذا المشروع”.تم التجهيز للاتفاقية منذ زمن
ويرى الكاتب بأنّ تصريح بومبيو الذي أكّد فيه على أنّ الاتفاقية استغرقت زمنا أكثر من المتوقّع، وأنّها دخلت في الوقت الحالي حيز التنفيذ، خير دليل على أنّ الاتفاقية لم تكن وليدة اللحظة، وإنّما تم التجهيز والاستعداد لها من زمن بعيد.
وأردف في الإطار نفسه: “تستوجب الاتفاقية توقيع وزيري الخارجية والخزانة الأمريكيين، وتوقيع الاتفاقية من قبل هذين الوزيرين يعني اعترافا رسميا من قبل أمريكا بـ “الإدارة الذاتية”، حيث أكّد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو بأنّ الاتفاقية لا يمكن القبول بها، قائلا (نستنكر دعم الولايات المتحدة الأمريكية المالي لتنظيم إرهابي يستهدف وحدة الأراضي السورية)”.
وفي المقابل -وبحسب ما أورده الكاتب- فقد صرّحت روسيا في معرض ردّها على الاتفاقية بأنّ الولايات المتحدة الأمريكية هي من تسيطر على ساحات النفط، وأنّها بذلك تنهب ثروات الشعب السوري”.
وختم الكاتب مقالته: “كما ترون فإنّ الهدف الرئيس للولايات المتحدة الأمريكية هو احتلال ونهب خيرات وثروات الدول التي تدخلها بحجة إرساء الديمقراطية، ونحن كـ تركيا علينا ألا ننسى بأنّ الهدف الرئيس لمشروع الشرق الأوسط الكبير -كما أكّد ذلك المرحوم الأستاذ حيدر باش- هو تركيا، ولذلك علينا استخراج العبر مما يحدث في سوريا، وأن نحافظ على وحدتنا وتماسكنا”.
نقلا عن اورينت نت