” جمع الشتاء شملنا، اِلتممنا حولَ المدفأة بكل حبٍ وطمأنينة، لكن اليوم لم يعد الشتاءُ كذلك، بات الشتاءُ شتاتا، حتى رجل الثلج الذي كان يصنعه الأطفال بكل بفرح باتوا اليوم يصنعونه بحزن”.
كيف يُشرع النظام السوري السيطرة على الأملاك
هكذا يروي إبراهيم عن حالته بين الماضي والحاضر، بين شتاء المنزل الريفي في “كفرسجنة” بريف إدلب الجنوبي، وبين شتاء مخيمات اللجوء وبيوت الشتات شمال إدلب.
” كنا صغاراً نفرح بالثلج، نجهز أنفسنا له ونلبس القفازات والقبعة، وإن لم نجد القفاز نلبس جورباً في أيدينا، لا نأبه بالبرد، فقط نريد اللعب مع أطفال الحي وشبانه”.
اليوم ومع فيضانات المطر، بات مشهد الشتاء مختلف تماماً، فأمطار الخير باتت كابوساً يقض مضاجع الآلاف من ساكني المخيمات، وسط سوء الخدمات وتقصير المنظمات، وتجاهل المسؤولين، فالمنزل المؤقت “الخيمة” لن تصمد كثيراً أمام انزلاقات التربة والمياه والطين والوحل.
يقول إبراهيم: ” كنا نزرع الأرض، ننتظر موسم المطر لينبت الزرع، لكن اليوم لا زرع لنا لينبت، ولا كلأ ليطعم الماشية “، فأعظم ممتلكات المدنيين كانت أراضيهم الزراعية، فهي مصدر الرزق الذي يغطي معظم احتياجاتهم، وهي المؤنس والمتنزه الخاص بكل واحد منهم.
وبماذا يختلف شتاء اليوم عن الأمس؟!
” اليوم بات الشتاء ضيفاً ثقيلاً، والمطر يقتلع منازل كانت تحتمي بها عوائل كثيرة من قساوة البرد وحر الصيف، لم يعد المطر كسابقه يستقبل بابتسامة عريضة، بل بات يستقبله الناس بعبارة: “حوالينا ولا علينا “، فجدرانهم الهشّة تقتلعها فيضانات المطر.
الأربعاء 20 كانون الثاني/يناير في عامٍ أتعب اللاجئين منذ بدايته، تتساقط الثلوج، تغطي معظم الأراضي الشمالية، يقبع آلاف من الأطفال في خيامٍ لا تقيهم البرد والزمهرير، ترتعش أجسادهم النحيلة، ويجمعون برد العالم أجمع في قلوبهم الصغيرة وأن تلك الخيام المنتشرة في العراء هي عبارة عن برّاد في هذه الأوقات.
“لا أعلم إلى متى هذه الحال، لكن آن للعالم أن يستفيق، يتخذ موقفاً مشرفاً، ويحنو على صغار أهلكهم البرد، فالخيام لم تعد تحتمل أكثر من عشر سنوات، ومطلب الجميع عودة نحو منازلهم، فهناك لن يجدوا برداً داخل حيطان المنزل الذي كبروا فيه وكبر معهم”.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
إبراهيم الخطيب