هاقد أتى الشتاء وجاءت معه المعاناة عند كل هطول مطر أو برد أو ثلج فوق (الخيم) المرقعة من جانب والممزقة من الجانب الآخر .. وأرضها المفروشة بتراب أحمر بدأت المطر تسقيه وبدأ يعطي الرطوبة في الخيمة ويبلل المتاع الموجود فوقه ويزداد الحال سوءا كلما ازداد الجو برودة ..
عن ماذا أتكلم ؟؟
عن تلك الخيام المنصوبة بأيادي حزينة مسلوبة الحقوق على طريق سفرا يأويهم في بستانا مجردا من كل حقوق الإنسانية، لا كهرباء ولا ماء ولا سوق ولا حتى بقالة يؤذيهم حر الصيف ويضرهم برد الشتاء.
تزخ (العوازل) زخات مطر تلسع تلك الأجساد المختبئة في تلك الخيمة على أمل أن تقيهم تلك الأمطار والعواصف ..
ولكن عبس يحاولوا فقد امتلأ المتاع ماء بسبب تسرب مياه الأمطار عليهم من كل جانب وأصبحوا يعانون مأساة شتوية من نوع آخر ….
أم أتحدث عن تلك الخيام التي مرت السنين عليها وفي كل سنة يطرأ تغيير عليها أناس قد فقدوا أمل العودة للديار وللوطن وبدأوا يبنون الجدران والسقوف حتى تتحسن الحياة فيها ..
وأناس فقدوا أمل العودة أيضا ولكن ليس باليد حيلة يأوون في داخل الخيمة وزخات الأمطار تطرق سقف الخيمة ويرتفع ضجيجها عند كل زخة مطر أو برد يطرق (شوادرها)..
أم هؤلاء الذين يحلمون في كل سنة أن يمتنوا نصب الخيمة حتى لا تطير من فوقهم في عواصف الشتاء القوية أو أن تهوي عليهم من ثقل تجمعات المياه عليها..
ولكن يحلمون بلا جدوى ففي كل عام تذهب أحلامهم وآمالهم هباء منثورا بسبب غلاء الأسعار وقلة العمل…
وعائلة قد تذوقت مرار اللجوء في الخيام كانت أم لؤي (اسم مستعار) تأوي مع زوجها وأطفالها في خيمة صغيرة وكانوا يعانون من قلة في الحالة المادية جعلتهم في وضع سيء جدا فقد كان الطفل الصغير محمد (اسم مستعار ) الذي هو الأصغر من لؤي لم يتجاوز من عمره السنة ونصف في حالة صحية سيئة جدا شوادر الخيمة تسرب الأمطار الى المتاع واللباس.. الجدران تسيل عليها المياه لتملئ الأرض بالمياه…
-تهجرنا من بلدنا ولم نرى مكانا نأوي فيه غير تلك الخيمة الصغيرة بالقرب من أقرباء زوجي ..
-هل كانوا معينين لكم على هذا التهجير والضيقة في المعيشة
-للأسف أصبحنا نعاني أكثر بقربنا منهم فقد قابلوا معاناتنا باستهزاء وسخرية وشماتة ..
أصبحوا يأخذون كل إغاثة أو معونة تأتي باسمنا ويتحكمون بنا إلى أن ازداد سوء حالتنا سوءا …
-وكيف أصبح وضعكم؟
-كنا ننتظرهم أن يوقدوا مدفئتهم حتى نأتي وأحضر أطفالي لتأخذ أجسادهم الضعيفة الناعمة بعض الدفأ وانتظر أن يصنعوا طعاما لأطعم أطفالي ..
-لماذا هذا الاستغلال ألا يوجد رحمة في قلوبهم؟
-صدقتي كان استغلال.
استغلونا بأننا لن نستطيع اللجوء لخيمة بعيدة خوفا من زوجي علينا أن يتعدى علينا أحدا في غيابه…
فأصبحنا نعاني من تغير أساليب الحياة علينا…
ونعاني من الحياة بقربهم وننظر إلى أطفالنا مما يحصل لهم من جوع وبرد ومرض وليس بيدنا أي حيلة
——————-
هذا جزء بسيط من معاناة اللجوء والتهجير تأتي من كل جانب تارة من أحوال الطقس وتارة من الناس عديمة الشفقة أوالرحمة وتارة من قلة العمل وغلاء الأسعار ….
هل سنبقى ننظر ونعد السنين التي تمر علينا ونحن مهجرين ونكتفي بالاحتفال بذكرى بداية الثورة أم سنتحرك ونعيد أرضنا التي سلبت منا ظلما وعدوانا؟؟!!!
ابتهال دعبول/المركز الصحفي السوري