على متن مركب صغير حملوا أمتعتهم وأحلامهم من سواحل طرابلس في لبنان، قاصدين دول أوربا، حالهم كحال بقية السوريين حالمين بمستقبل يحوي بين طياته أياما رغيدة وآمالا بحياة سعيدة، لهم ولأطفالهم بعيدا عن الفقر والتعب.
وأثناء الرحلة بتاريخ 23 أبريل/ نيسان عام 2022 لم يستجب المهرب لنداءات خفر السواحل اللبناني فارتطم المركب بالقوات البحرية، ما أدى إلى تسرب المياه إلى داخله ومن ثم غرقه خلال دقيقة، لتودع الطفلة ماسة السبسي ذات ال 8 أعوام و شقيقيها محمد ذو ال6 أعوام وجاد ذو ال4 أعوام الحياة مع والدتهم ريهام دواليبي، لتنتهي الرحلة قبل بدايتها في بحر لبنان على عمق 500م تحت سطح البحر.
تسربت المياه من بين الشقوق وأغرقت مركبهم برفقة 75 شخصا ودفعت بهم إلى عمق البحر، لتكون رحلة أبدية بظروف قاهرة ليودعوا حياة لم يروا منها سوى الخيام والحرب والتهجير.
نجا والد الأطفال أحمد السبسبي من الموت لكنه لم ينجُ من حرقة الفراق وألم البعد، في رحلة ضمت بين أسفارها معاني القهر والتهجير لتختم نهايتها بغرق فلذات كبده وشريكة حياته أم أطفاله، بلحظة وداع أرواح كانت الدافع وراء خطوة الهجرة لتحقيق مستقبل مضيء وطموحات سعيدة لهم جميعا.
يقول عمُّ الأطفال بكلمات تجمع ألم الفراق وصدمة الفاجعة “أنا من مبارحة لليوم عايش أسوأ كابوس حي بحياتي كلها.. مشتهي الموت بكل معنى الكلمة ولكن.؟!! فكابوس الرحيل وفقدان الأحبة يوجع القلب ويشتت الروح ويبهت ألوان الحياة لتصبح باللون الأسود دون معاني الفرح ولحظات الألفة.
ويتابع العم حديثه فيقول واصفا حال زوجته ” مرتي اللي بتكون أختها للمرحومة ريهام بحالة انهيار تام، وما في حدى حواليها غيري”، فالحادثة مأساوية والفراق موجع لأنه فراق أبدي لا رجعة فيه.
حملهم أمل الحياة الهادئة والهانئة إلى رحلة طويلة بدايتها الخطر ومراحلها الحنين والقهر، للوصول إلى نهاية جميلة أفضل ولو قليلا من حياة البؤس والحرمان، ولكن نهاية مأساوية لأطفال بعمر الزهور مع والدتهم كانت كفيلة بنسف كل الأحلام والأماني كآلاف المهجرين السوريين الحالمين بمستقبل أجمل.
قصة خبرية/ خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع