وعلمت “العربي الجديد”، أنّ “الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة الكرديّة”، والتي تتولى إدارة مناطق من محافظة الحسكة، حيث يتمركز السوريون الأكراد، هي المكوّن الوحيد الذي تلقى دعوة مباشرة بوصفه كياناً قائماً في حدّ ذاته، الأمر الذي تخشى منه أطراف في المعارضة السورية، أن يكون أشبه بتثبيت شكل من أشكال التقسيم.وفي سياق متّصل، توضح عضو الهيئة السياسيّة في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوريّة”، نغم الغادري، لـ”العربي الجديد”، أنّه “حتى اللحظة لم يتلقَّ الائتلاف، كجسم سياسي، أو أي من أعضائه، دعوة للمشاركة في اللقاء”. وتشير إلى أنّ أحداً لم يبلغ الائتلاف “تصوراً عمّا تريده روسيا من الاجتماع”، مبينة أن “كلّ أعضاء الائتلاف تقريباً، يرفضون فكرة زيارة موسكو، فيما لا يمكن للائتلاف أن يذهب، إلا بصفته ممثلاً لقوى الثورة والمعارضة”. وتقول إنّه “حتى في حال دعوة أي من أعضاء الائتلاف، بصفتهم الشخصيّة، فعليهم أن يأخذوا موافقة الهيئة السياسية على المشاركة”. وتصرّ الغادري على أنّ “موسكو هي الآن طرف في المشكلة، ويمكنها أن تصبح في المستقبل، طرفاً في الحل، إذا توقفت عن دعم النظام ورفعت الغطاء السياسي عنه”، معتبرة أنّه “حينها قد تدفع باتجاه حل سياسي يعتمد على مقررات مؤتمر “جنيف 1″
كمرجعيّة”.
“ |
وفي موازاة إشارتها إلى أنّ “مبعوث الرئيس الروسي ميخائيل بوغدانوف، لم يقدّم أيّ طرح جدي خلال لقائه الأخير بأعضاء الائتلاف، ما يؤكّد أنّ الهدف من التحرّك الروسي هو إعادة تأهيل النظام”، تشدّد الغادري على أنّه “لا علاقة للتقارب بين الائتلاف وهيئة التنسيق الوطنية بأي توجيه دولي”. وتقول إنّه “نتيجة قرار اتّخذته الهيئة السياسيّة منذ نحو ثلاثة أشهر بالتحاور مع كلّ الأحزاب المعارضة غير الممثّلة في الائتلاف، وهيئة التنسيق واحدة منها”، لافتة إلى أنّ الهيئة السياسيّة ستدرس مبادرة أرسلتها هيئة التنسيق، خلال لقاء القاهرة الأخير، في اجتماع تعقده في الثاني من الشهر المقبل”.
ويرحّب الجانب المصري بلقاء الائتلاف مع هيئة التنسيق، وفق الغادري، التي تشير إلى “استعداد مصري للمساهمة في حلّ أيّ خلاف (للائتلاف) مع أية جهة معارضة أخرى”، موضحة أن “مصر دولة لها ثقل في المنطقة، وهي تؤيّد، وفق ما أبلغتنا به الخارجية المصرية، مطالب الشعب السوري وفق الرؤية التي يطبقها الائتلاف”. وتلفت إلى أنّ مصر “تدعم الائتلاف بصيغته الحالية، وتدعم أي مبادرة لحلّ سياسي يطرحها، ولم تدعم سفك الدماء بأي شكل من الأشكال، لكنّ الوضع الداخلي لم يسمح لها بتقديم الدعم الإنساني”.
ويثني رئيس “الائتلاف” السابق، معاذ الخطيب، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، على “تقارب قوى المعارضة”، معتبراً إياه “عاملاً مهماً في تغيير المعادلات السياسية، وتحريك ما يجري في سورية، باتجاه الإنقاذ بعد أن وصلنا إلى استعصاء شديد”. وعلى خلفية مبادرة رئيس “الائتلاف” السابق، برهان غليون، بشأن إصلاح الائتلاف وإلغاء التكتلات الموجودة داخله والمحاصصة في التعيينات، بالتنسيق مع رئيس الحكومة السورية المنشق، رياض حجاب، والخطيب نفسه، يقول الأخير: “يتحرك الدكتور برهان والدكتور رياض بفعالية جيدة، ونتشارك جميعاً في ضرورة تجديد الائتلاف لنفسه إن أراد أن يقوم بدور إيجابي في المراحل المقبلة، ويستعيد بعض مكانته”.
ويوضح الخطيب أنّ “أولويات أيّ حلّ سياسي في سورية، تأتي من إبعاد مصدر المشكلة، وهو المنظومة الأمنية القاتلة التي تحكم شعبنا، وقد يسأل أحدهم، لماذا يقبلون بالرحيل الطوعي؟ والجواب: كيلا يخسروا أكثر، فالوضع ليس في صالح أحد، وخصوصاً المنظومة الأمنية”. ويحذّر من “اتجاه البلاد نحو كارثة، نحاول بالتفاوض تقليل آثارها، وتداعيات انفلات أمني، يُعوّض عنه اتفاق على ترتيب الأمور، بدءاً من رحيل بشار الأسد، ووقف قتل المدنيين الذي أدمنه النظام”. ويعتبر الخطيب، أنّ خطة المبعوث الدولي الى سورية، ستيفان دي ميستورا “مفيدة جزئيّاً لمن أنهكهم الجوع والمرض، ولكن إذا لم تُعرف نهاياتها والاستراتيجية التي تنطلق منها، فقد تكون فقط لصالح النظام”.
الخطيب: أولويات أيّ حلّ سياسي تأتي من إبعاد مصدر المشكلة، أيّ المنظومة الأمنية القاتلة التي تحكم شعبنا |
في موازاة ذلك، تؤكّد هيئة التنسيق الوطنيّة المعارضة، على لسان عضو مكتبها التنفيذي، آصف دعبول، أنّ “الحجج التي تسوقها روسيا حول عدم دعوة الكيانات السياسية السورية المعارضة، هو بمثابة تسويف”. ويقول دعبول، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إنّ “ترك السوريين يجدون حلاً من دون رعاية وضمانات، أمر صعب جداً، ونحن نعرف عن النظام عدم جديّته وعدم صدقيّة أي عهد معه”.
ويوضح أنّ “أطرافاً اعترضت على الدعوات وشكل اللقاء، ومنها الهيئة التي طالبت موسكو بإجراء تعديلات جذريّة على اللقاء، وعقدت مباحثات مع الدبلوماسية الروسية حول ذلك”. ويعرب عن اعتقاده بأنّ “الروس، وهم حلفاء النظام، لن يضغطوا عليه بشكل جديّ لحلّ الأزمة السوريّة”، لافتاً إلى أن “الروس في مأزق عالمي إثر تهميشهم في التحالف الدولي وأوكرانيا، بالإضافة إلى تدهور وضعهم الاقتصادي، لذا فهم يحاولون إحداث خرق على الساحة السورية من خلال هذا اللقاء، لكنّهم لم يصيبوا”.
ويهدّد دعبول، في حال إصرار الروس على إجراء اللقاء بشكله الحالي، بـ”امتناع هيئة التنسيق عن المشاركة فيه”، معتبراً أنّه “إذا لم يكن هناك حوار جدي بين أطراف المعارضة الحقيقية، وينتج عنه ما يفيد الشعب السوري، فلن يكون هناك فائدة من عقده والمشاركة فيه”.
وفي الإطار ذاته، يعرب عضو المكتب التنفيذي في “هيئة التنسيق الوطنية”، زياد وطفة، لـ”العربي الجديد”، عن اعتقاده أنّ “الحراك الروسي، لم يرتقِ في أي لحظة ليكون مبادرة، وما هو مطروح لا يساوي أبداً ما أطلق عليه البعض “موسكو 1” باعتباره بديلاً عن “جنيف 3”. ويرى أنّ “الحراك الروسي ليس إلا ظاهرة إعلامية، لا مقوّمات لديها لتقدّم جديداً”.
ويعتبر وطفة أنّه “بالطبع لا يمكن أن يكون الروس ضحلين، ولا غايات لهم، ومنها إظهار النظام على أنّه قوي وإظهار المعارضة على هذه الشاكلة، إذ أنّ 28 شخصاً، أكثر من نصفهم يمثلون النظام، يأتون ليمثلوا الشعب السوري والمعارضة”.
من جهته، يقول مصدر مسؤول في “تيار بناء الدولة السوريّة” المعارض، لـ”العربي الجديد”، إنّ “ما وصلنا عن لقاء موسكو لا يفضي إلا إلى أن هناك تحركاً جديّاً للسير في اتجاه حلّ الأزمة السوريّة، كما لا تبدو السلطة السورية جادة في الوصول إلى حلّ سياسي”. ويورد سلسلة من الملاحظات على لقاء موسكو، تبدأ من “توجيه دعوات شخصية، مروراً بمواصلة السلطة اعتقال رئيس التيار (لؤي حسين)، إلى زجّ عدد كبير من الشخصيّات المحسوبة على السلطة في لقاء المعارضة، إضافة إلى الطابع غير الرسمي اللقاءات وغياب جدول أعمال”. ويستنتج أنّ “كل ما سبق يؤشّر إلى أنّ اللقاء، حتى الآن، لن يحمل شيئاً على صعيد إنهاء الأزمة السورية أو التخفيف من وطأتها عن السوريين”.