تعرض الشعب السوري يومياً لأسوأ جرائم القتل والتدمير والتهجير، على يد نظام أمطر شعبه قذائف وبراميل حقدٍ ورصاص غادر وسموم قاتلة، وحاصر شعبه ودمر كل ممتلكاته، ولقد فشل المجتمع الدولي بإيجاد حل للقضية السورية بعد خمس سنوات من المعاناة والمآسي، الأمر الذي جعل عدة مناطق من سوريا تعاني اوضاعاً إنسانية سيئة للغاية، في ظل نقص المواد الغذائية والطبية، إثر الحصار المفروض من قبل نظام الأسد على تلك المناطق، ما جعل صعوبة في وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين.
لقد كان عام 2015 الذي ودعته الثورة السورية قبل أيام بالمزيد من المجازر، وكان العام الأعنف والأكثر دموية في تاريخ سوريا، فقد قتل وهُجر خلاله عشرات الآلاف من السوريين، واستخدم النظام قوة تدميرية غير مسبوقة بهدف قلب موازين القوى لصالحه، مستعينا بروسيا وإيران وحزب الله اللبناني وبعض الميليشيات، وبالمقابل تمكنت كتائب الثوار من احراز تقدم كبير في مختلف الجبهات وأهمها السيطرة الكاملة على محافظة إدلب، وتحقيق تقدم في حلب وحماة ودرعا وجبل التركمان بريف اللاذقية.
ولعل التدخل الروسي بسوريا الذي حصل في العام الفائت ومساندته للنظام، ضاعف من معاناة الشعب السوري، وزاد من نسبة التهجير والقتل والدمار، ومن ضمن الكثير من الملفات المتعلقة في مصائر السوريين، قد كان ملف اللاجئين أهمها، لما يمثله هذا الأمر من مواجع لا تعد ولا تحصى للشعب السوري خصوصا فيما يتعلق بمن ضاقت بهم الدنيا، فقصدوا البحر بهجرة غير شرعية أجبرتهم عليها ظروف الحرب، التي لم تميز بين كبير وصغير بين مدني وعسكري بين رجل وامرأة.
لقد ابتلع البحر المتوسط آلاف المهاجرين من الذين فرو من ويلات الحرب إلى ظلمات البحر وخطورة السير على الأقدام في الغابات، مآسي فظيعة والرابحون فيها دائما هم مهربون محترفون يجنون الأموال الطائلة جراء هذه التجارة الرابحة، أما الخاسرون فهم دائما من يغامرون بحياتهم وأسرهم وأموالهم، كي يصلوا إلى بر الأمان في دول أوروبا، وكانت وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المواقع قد تداولت في العام الفائت، رسالة مأثرة منسوبة لأحد اللاجئين السوريين الذين انتشلت جثثهم بعد غرق مركبهم، الذي كان يحوي المئات من المهاجرين الغير شرعيين في البحر الأبيض المتوسط خلال رحلتهم للوصول إلى الشواطئ الأوروبية.
وكان محتوى الرسالة: “أنا آسف يا أمي لأن الحرب حلّت، وكان لا بد لي أن أسافر كغيري من البشر، مع العلم أن أحلامي لم تكن كبيرة كالآخرين، كما تعلمين كل أحلامي كانت بحجم علبة دواء للقولون لك، وثمن تصليح أسنانك، بالمناسبة لون أسناني الآن أخضر بسبب الطحالب العالقة فيه، ومع ذلك هي أجمل من أسنان الديكتاتور (بشار الأسد).. شكرا لك أيها البحر الذي استقبلتنا دون فيزا ولا جواز سفر، شكرا للأسماك التي ستتقاسم لحمي ولن تسألني عن ديني ولا انتمائي السياسي، أنا آسف لأني غرقت…”.
رسالة تتحدث بصوت الملايين من السوريين الذين شردهم نظام الاسد وحلفائه، ولقد حذرت المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية من كارثة بكل المقاييس٬ ما لم يتم التحرك بشكل سريع لتحسين الاوضاع الانسانية، من مأكل ومشرب ورعاية طبية ومسكن للمتضررين في سوريا، حيث بدأ انتشار أوبئة وأمراض مختلفة بين السوريين غالبيتهم من الأطفال.
لقد اختلفت الآراء داخل سوريا حول مصير الثورة في عام 2016، فمن متفائل بانقلاب لصالح الثورة إلى متخوف من استعصاء يستمر شهوراً طويلة دون مخرج منه.
أما المجتمع الدولي فلقد اتسم موقفه من الثورة السورية بالنفاق والعجز، فبدا أنه لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم إلا ما يشاء وحين يشاء، ولقد فشل مجلس الأمن في اتخاذ أي إجراءات حاسمة، ولم يتقدم خطوة واحدة لإيقاف نظام الأسد عن ارتكاب المجازر بحق المدنيين السوريين.
أما الموقف الأمريكي فلقد اتسم بالتناقض والتردد والتراجع والفشل، ولم يتجاوز سوى بعض الإنذارات والتحذيرات والتهديدات الكلامية المطاطة، التي لم تصل أبدا حد التهديد بـ”التخلي عن نظام الأسد”.
أما الموقف العربي وصل لحد التواطؤ لإجهاض الثورة السورية، والعرب بشكل عام مغلوب على أمرهم مقلوبين على ظهرهم، ورغم الخذلان العربي والعالمي والإسلامي، للثورة السورية فهي مستمرة لأن شعب سوريا الثائر لا يعول لا على شرق ولا على غرب، إنما يعول على سواعد الثوار الأبطال، ولن تضيع دماء شهداء سوريا الأبرياء، ولا بد للمظلوم أن ينتصر على الظالم مهما طال الزمن، وتبقى المأساة التي تخيم على هذا البلد معلقة دون حلا واضحا في الأفق لها.
اتحاد الديمقراطيين السوريين ـ علي الحاج احمد