رغم ضيق الحال ومرارة العيش التي يعيشها الأهالي في مخيمات النازحين ورحلة التهجير بين الجبال المنتشرة على الحدود السورية التركية، يحافظ الأهالي على طقوس رمضانية التي تحمل في طياتها قيم المحبة والأصالة والإنسانية، متمسكين بطقوس توارثوها أبا عن جد لطالما تغنى بها السوري منذ عقود.
سيراج شيخو وغيره العديد من أطفال مخيمات النازحين في كللي وحزانو وأطمة، تصدرت صورهم مواقع التواصل في رمضان يحملون بين أيديهم سكبة رمضان المتوضعة لجيرانهم، لطالما جمعهم مصير النزوح والشتات وضعف الدخل والبطالة في مناطق المخيمات القريبة من الحدود التركية، في مشهد يدلل على قيم الأصالة والعراقة والتمسك بالعادات المجتمعية التي تربى عليها الأهالي مهما كانت الظروف.
ومع مارصدته عدسة مراسلنا من ارتفاع أسعار المواد في أسواق إدلب والدانا وسلقين وحارم، تزامناً مع حلول شهر رمضان والتي لم تستثنِ الخضار والفواكه التي وصل فيها سعر البندورة لأكثر من 6 ليرات تركية، ومثلها الباذنجان والكوسا والخيار وصلت تسعيرتها 6.5 ليرات، بالإضافة لارتفاع أسعار اللحمة التي وصل سعر الكيلو 55 ليرة مقارنة مع 48 ليرة قبل أسبوعين.
كشف رائد دويلاتي قصاب , صاحب محل بيع لحم في أحد المناطق، أنه تفاجأ بارتفاع أسعار المواشي في الأسواق مع بداية حلول شهر رمضان، الأمر الذي فاقم من مقدرة الأهالي على الإقبال على شرائها، بخاصة مع الطقوس الرمضانية التي يسعى خلالها الأهل إلى توفير موائد أفطار لأطفالهم وأفراد عائلاتهم التي من الممكن أنها غابت عنهم لشهور طويلة.
أم خضر نازحة مع أطفالها وزوجها المعاق من ريف حماة الغربي في مخيمات أطمة، لم تسعفها ظروفها المعيشة للاستعداد لاستقبال شهر الخير، بسبب الفقر وعدم وجود مصدر للدخل الذي حرمها وأطفالها من أكل اللحم منذ ثلاث سنوات، تضيف “ليس لدينا طعام ليس لدينا مال للتسوق ليس لدينا إلا رحمة الله”
صديق لصفحة المركز يروي ماحصل معه قبل يومين، عند دخوله لشراء خضار من أحد البقاليات المنتشرة في مخيم أطمة وهو في داخل المحل، دخل شخص آخر أراد شراء بندورة وعندما طلب تسعيرتها من صاحب المحل,أجابه ب4.5 ليقف حائراً لبرهة، قبل أن يخرج وملامح الحرمان وقلة الحيلة ترتسم على وجه.
وكأنه كُتب على الأهالي، بخاصة ممن ترك منزله وهجر عن أرضه مصدر رزقه، للعيش بحرمان من أبسط مقومات الحياة لقمة العيش وربطة الخبز التي باتت تثقل الكثير منهم، بخاصة مع مشاهد نساء وأطفال في مراكز المدن والبلدات، يتهافتون على أكوام القمامة ومكبات النفايات علهم يجدون مايسدون به فقرهم ورمق العيش، وكان آخرها مشاهد امرأة تبحث بين أكوام النفايات ضمن حاوية قمامة في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي عن مرادها.
سبقها قبل ثلاثة ايام، مشاهد أطفال في مدينة أريحا يتهافتون للحصول على عظام اللحم التي تركتها إحدى العائلات الميسورة بين نفايات الحاويات، وفي مدينة سرمدا العاصمة التجارية للشمال المحرر لم يكن الحال بأفضل مع مشاهد نساء على حاويات القمامة في أول أيام رمضان.
فهل من أملٍ قريبٍ يعيد فرحة الأطفال في عيدٍ بات قريباً، بعد أن حرموا منها في شهر الخيرات وموائد الرحمن التي ينعم بها أقرانهم في أنحاء العالم ..
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
مجد سوري