“لا تحاول أن تكون إنسانا لا يخطئ.. فهذا مستحيل! بل علينا أن نتعلم من أخطائنا.. فهذا شيء عظيم.. ساعات غربتي طالت، وأرهقت عقارب عمري” تلك كلمات الشاب عادل الذي هاجر من وطنه الأم سوريا بعدما دمّرت ممتلكاته الشخصية، بقصف همجي طال الحي الذي يسكنه، وكان خيار الغربة، هرباً من الواقع المرير، والخوف على أرواح من بقي من الأهل.
بعد اشتعال الحرب في سوريا وامتدادها على مدار خمس سنوات، وراح ضحيتها أكثر من نصف مليون مواطن سوري، وفرار الملايين من الصراع محاولة منهم للهروب من واقع أليم فرض عليهم من قبل نظام يقتل شعبه غير آبه بالمعايير الإنسانية، وحقوق شعب لازم حياته على أرض عشقت الحرية وشهد العالم لها بذلك.
يقول عبد الهادي من مدينة إدلب (23 عاماً) “خيار الهجرة للدول الأوربية كان الحل الوحيد بعد أن فقدت والديّ تحت أنقاض المنزل وتابعه دمار كبير لحق مكان العمل.. لكن لست بخير، يا حسرة على قلبي الذي زاد ألمه في عتمة الغربة، وإن غرك بريقها الزائف، لكن ما باليد حيلة.. بعد خسارتي لمن كان يوصيني بأن أنتبه لنفسي.. باتت الحياة مريرة”.
كما تقدر الأمم المتحدة عدد الذين ما زالوا يعيشون في سوريا بنحو17.9 مليون شخص انخفاضاً من 24.5 ويصنف ستة ملايين منهم كنازحين داخل سوريا بعد اضطرارهم للفرار من ديارهم للبحث عن أماكن أكثر أمناً.
لكن هل الهجرة الداخلية.. كانت الحل الأمثل؟
تكشف أم سليم (32 عاماً) من مدينة حمص حي الوعر “بعد اتمام عملية التبادل بين المعارضة والنظام، كانت وجهتي مدينة إدلب، ورغم حسن المعاملة من أهالي المدينة، وحرص المسؤولين على تأمين المساعدات للنازحين، إلا أن الحنين للأهل والمكان الذي ولدت فيه لم يفارقني.. آه قد يتأخر الفرح وتنقبض الصدور وتنحبس السعادة.. لكن الفرح حتماً سيأتي بألف طريقة، طالما أننا نؤمن بأن النصر آتٍ والظلم لابد من زواله”.
ورغم الحلم الذي تقاسمه الآلاف من الشباب الطامحين إلى بناء مستقبلهم، في دول القارة العجوز بعد أن عجزت أرضهم عن احتضان أحلامهم في ظل حرب طالت الصغير قبل الكبير، نشاهد حالات واتس آب حزينة، وتغريدات على “تويتر” ومنشورات “فيس بوك” تدل عل حنين طال وغربة لم يكن نهاية طريقها إلا الألم.
يدمدم عادل بصوت عالٍ “سيأتي اليوم الذي سيلعب أطفالي.. بحرية وبريق الأمل في عيونهم اللامعة.. على أرض سوريا مع حمام الحرية”.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد