اعتاد الأهل في سوريا على مشاركة الأفراح والأحزان فيما بينهم، يأتي رمضان هذا العام مليئاً بالأحزان، مثقلاً بهموم الأهل التي تفاقمت مع ازدياد التوتر وتصاعد حرب النظام وأعوانه محدثةً الهلاك والدمار بالأرواح والأبدان وحتى المكان، للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام فقد صّب عليها غضبه وحقده دون أن يكون هناك بشائر لنهاية الغضب.
تقول الجدة “أم مروان” من ريف إدلب “في مثل هذا الشهر من السنة كنت أطبخ الطعام بمساعدة الجيران والأبناء، بكميات كبيرة ونعمد لتوزيعها قبل الإفطار لتصل بيوت المحتاجين من الأيتام والفقراء لننال الأجر ونساعدهم.. آه وحده الصوم يشعرك بجوع غيرك وعوزه”.
الآن في سوريا باتت حالة الفقر والجوع والتشرد الأكثر انتشاراً وتفاقماً بغياب الموارد المعيشية والبطالة وفقدان الأهل، وأصبح الغني المعيل لغيره والمساند لهم.. هو بحاجة العون والمساعدة.
تكشف “أم هاني” من ريف حلب “كان زوجي من أكبر تجار صنع الملابس في حلب، يملك الكثير من المال ويخرج زكاة ماله في شهر رمضان للزيادة في الأجر وتكاتفاً مع الأهل والأقارب المحتاجين لإدخال الفرحة لقلوبهم المكسورة وخصوصاً أنه بعد شهر الصوم تأتي فرحة العيد.. آه اليوم وبعد اعتقال زوجي ومصرع أبنائي تحت ركام الأنقاض.. نحن الأكثر حاجة للزكاة.. مع غياب كل معالم الفرح بالعيد”
تدمدم “أم هاني” لجارتها أنظري لذاك الطفل المسكين بدلاً من أن يكون في بيته يتناول مع والديه وأخوته الإفطار.. شاءت الأقدار وأصبح على ذاك الرصيف يفترش الأرض ويبيع الخبز اليابس ليشتري القليل من الطعام، ويتناوله وقت الإفطار في زمن غابت فيه معالم الإنسانية، رحماك يا الله!”
كما يكشف الشيخ “أبو عمر” عن مقدار صدقة الفطر قائلاً “بينت النصوص أن مقدار صدقة الفطر هو صاع من الطعام عن الفرد الواحد وهذا يعادل في أحوط التقديرات 2700 غم، فمن أخرج صاعاً من الأصناف التي بيّنها النبي (ص) من غالب قوت البلد فقد أجزأه ذلك] أخذ أجره[ لكن بعض الفقهاء قد أجازوا إخراج القيمة بالنظر لمصلحة الفقير في هذا الزمان فإننا نرى جواز إخراج القيمة 500 ليرة سورية وهو الحد الأدنى وللمستطيع أن يزيد”.
زكاة الفطر كانت ومازالت عنوان المحبة بين الأهل وتعبيراً عن روح التعاون والأخوّة السائد في مجتمعنا ومازال مستمراً فهو من أفضل الطقوس الدينة التي تساهم في بناء مجتمع مترابط.
بصوت حزين يهتف إمام جامع الحمصي في ريف حلب الغربي ” كثير من بيوت أهلنا الفقراء يفطرون على فتات الطعام ومنهم من ضاق به الحال يجمع الفطور والسحور في آن واحد.. اللهم ارزقهم من حيث لا يعلمون وألهم أهل الخير لمعونتهم.. فوحدك العالم بحالهم يا رزاق يا الله”.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد