حلّ شهر رمضان في ذكرى النزوح العاشر لآلاف السوريين عن بيوتهم وأهلهم، فرقتهم الحرب عن أحبائهم، أصبحوا مثل أجزاء مسلسلات رمضان، لكن على سبيل الواقع المعاش، بين ألم وحنين إلى رمضان قد يجمعنا في النهاية حقاً.
أبو محمد ذو الخامسة والخمسين، دخل تركيا لأجل العلاج، تاركاً زوجته في بلدة الدانا في الشمال المحرر، فقد تزامن دخوله مع دخول الشهر الفضيل، والغريب كما يصف هو “أن رمضان هذا العام يختلف عما سبقه، فعائلته متناثرة في أرجاء المعمورة، كل شخص في مكان”.
تفيض عيناه من الدمع حزناً على جلوسه على مائدة الإفطار وحيداً، دون أبنائه من جواره أو زوجته، يدعون كالعادة دعاء الإفطار وينتظرون سماع مؤذن الحي، معلناً فرحتهم بالإفطار واللمة الواحدة.
يجلس أبو محمد بعد إجبار نفسه على أكل لقيمات من إفطاره المتواضع، الذي افترقت أنواعه وانعدمت نتيجة الغلاء الفاحش في أسعار المواد الغذائية، التي يعجز النازحون على توفيرها على موائدهم، التي كانت يوماً مليئة بما لذّ وطاب.
أم أحمد امرأة مع أطفالها تركها زوجها لأجل العمل وتأمين لقمة العيش لأطفاله الصغار الأربعة، المتناثرين في أجواء منزل استأجره في المنطقة ذاتها، أصواتهم الجميلة تقطع صوت الأذان، وكأنها أصوات الطبيعة الجميلة بهوائها ونغمات طيورها على الأشجار المجاورة.
تقول أم أحمد أنها تنتظر زوجها بفارق الصبر بعد أن يعود من تركيا، لقضاء إجازة العيد وقضاء آخر أيام رمضان معهم وبين أطفاله، تقول بتنهد أليم تظهر تعابيره على وجهها المتعب، “أشعر أن أطفالي كالأيتام بدون أبوهم، أريدهم أن يشتموا رائحة أبوهم حتى يبقوا متذكرين له”، فهو كل ثلاث سنوات قد يستطيع النزول إلى سوريا.
غابت الفرحة عن محيا السوريين خلال هذا العام رغم الألم الكبير من عيشهم في مخيمات مفتقرة لأدنى مراتب العيش والخدمات، عانوا ما عانوا من فصول التشريد والبرد، وكأنه عقدة المشهد وأحداثه المثيرة.
الجدير بالذكر أن منظمات إنسانية دولية ومحلية، ناشدت من ازدياد الاحتياجات الإنسانية لقاطني المخيمات في شمال غرب سوريا، محذرةً من أزمة مجاعة تلوح في الأفق، بالتزامن مع غياب أي حل من المجتمع الدولي ينهي تلك المأساة.
قصة خبرية / طارق الجاسم
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع