لم يحمل أبناء الغوطة معهم إلى مدينة إدلب أشياءهم وما يحتاجون لاستمرار حياة كان أبرز عنوان لها الألم والفراق للأحبة إما بالموت قصفاً أو جوعاً أو ختاماً بالتهجير والنزوح الداخلي للحاضنة مدينة إدلب.
بل حملوا معهم طموحاتهم وآمالهم بالنجاة من قصف وحصار خانق ليحرموا من حق الحياة على أرض الوطن، ورثة الأجداد للأبناء واستبدال سكانها الأصليين بالمرتزقة والميليشيات الطامعة بالعيش على أراضيها المباركة.
“علاء” من مدينة قدسيا (14 عاماً) حضر مع عائلته إلى إدلب بالحافلات المخصصة لتهجير أهالي قدسيا والهامة، وذلك ضمن الاتفاق الذي توصلت إليه اللجان المكلفة بريف دمشق مع النظام، وبالطبع قرب تلك المناطق من القصر الجمهوري يشكل خطراً ما دفع النظام لتأمين مواقعة العسكرية بسياسة التهجير الممنهجة.
ومن خلال حديثنا الطويل من الشاب “علاء” كشف لنا عن حزنه الشديد عندما غادر منزله قائلاً “مع إطباق الحصار والقصف بمختلف أنواع الأسلحة فقدت أعز ما أملك.. أبي تحت ركام منزلنا المنهار ما زاد سواد أيامنا حزناً وبفقدان من نحب ثقلت المهام على عاتق والدتي المريضة والتي تحتاج لعلاج مستمر بسبب إصابتها بمرض السكر، تلاشت الأحلام وبات حالنا من بيت عم إلى بيت خال لنحصل على المأوى ولقمة العيش التي شعرت أمي بثقلها في ظل حصار خانق وحتى من بقي لنا يساندنا.. هو بالأصل يرجو العون من الله”.
لم تمض إلا أيام قليلة لتعود سلسلة التهجير من جديد حيث يعيش سكان الغوطة الغربية من ريف دمشق، حالة فقدان توازن وحيرة وانعدام أفق بعدما بدأ التهجير يطرق أبوابهم، فالباصات الخضراء شبح يقلهم من مدنهم وقراهم إلى الأبد، حسب ظنهم والبقاء يعني عيشة الهوان والمذلة، حيث يتجرع الناس غصة ست سنوات على أمل استمرار ثورة الكرامة.
ورغم محاولة النظام لخلق الخلافات والطائفية بين أهالي الغوطة ألا أن حب الوطن وروح الأخوة بدا ظاهراً في حديث علاء ولدى متابعته للحديث كشف ذلك قائلاً:” في كل صباح أجلس على درج باحة الإيواء لأشارك رفاقي الحديث، منهم من جاء من الزبداني ومنهم من مضايا وقدسيا والهامة والتل وخان الشيح.. جميهم أبناء الغوطة فرقنا النظام وهجرنا قسراً وجمعنا الإيواء في باحة النزوح.. لكن لن نيأس وسنكبر رويداً رويدا ليكبر معنا حب الأمل بالعودة ودحر من حل مكاننا ممن قدم من وراء الحدود، لن ندعهم يأخذون أماكننا وأسماءنا وتاريخنا ومستقبلنا”.
نهض علاء برفقة أبناء الغوطة وأخرج من حقيبته الخاصة التي أحضرها معه كرة قدم لطالما لعب بها في حيه الذي غادره بدمعة الألم كرهاَ وأصدر صوت صفير من شفاه كانت ترتجف من الحزن مشيرا بيده لرفاقة أبناء الغوطة للعلب في باحة الإيواء ليكون أول فريق كرة قدم لأبناء الغوطة في الحاضنة إدلب الخضراء.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد