نشر موقع “ذا هيل” مقالا لجيمس كويل، المتخصص بالشؤون الروسية، دعا فيه الولايات المتحدة للتحرك ووقف “ألعاب روسيا في ليبيا“.
وقال فيه إن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عبر عن رغبة بلاده في تحقيق السلام في ليبيا. وأخبر الصحافيين أن روسيا تعمل مع تركيا للتوصل لاتفاق وقف إطلاق فوري للنار. ويعلق كويل أن هناك شكوكا حول التزام روسيا بالعملية، خاصة أن إعلان لافروف تبعته إعلانات تأجيل عدة.
وأضاف كويل أن روسيا متورطة عسكريا بالحرب الأهلية الليبية. فقد كشف تقرير للأمم المتحدة في أيار/مايو أن هناك 800- 1.200 مرتزق روسي من شركة “فاغنر” يقاتلون في ليبيا.
وشاركت الشركة الأمنية التي يديرها يفغيني بريغوجين، المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، في سوريا وأوكرانيا. ورغم نفي الروس تظل المجموعة ذراعا للدولة، مشيرا إلى تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي قال فيها إن روسيا تدير النزاع في ليبيا وعلى أعلى مستوى. ولكي يثبت كلامه كشف عن صور لزعيم فاغنر في اجتماع مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وفالري جيراسيموف، رئيس هيئة الأركان المشتركة.
خبير: شركة فاغنر “ليست شركة تعهدات أمنية خاصة، فهي ذراع غير رسمي لوزارة الدفاع الروسية”
وقال رسلان ليفييف، مدير شركة “كونفليكت إنتليجنس تيم” التي درست العمليات السرية الروسية في سوريا، إن شركة فاغنر “ليست شركة تعهدات أمنية خاصة، فهي ذراع غير رسمي لوزارة الدفاع الروسية”.
وأرسلت روسيا إلى جانب المرتزقة الدعم الجوي للمتمردين في ليبيا. وكشفت القيادة المركزية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) عن وصول 14 مقاتلة روسية إلى قاعدة الجفرة في أيار/مايو. وتضم هذه طائرات ميغ-29 وسو-24. ورغم النفي الروسي لا تزال الطائرات في القاعدة الجوية، حيث توقفت في طريقها إلى ليبيا في سوريا من أجل محو العلامات الروسية عنها. وقالت القيادة المركزية الأمريكية في أفريقيا إنها تابعت تحرك الطائرات عبر الرادار من لحظة مغادرة روسيا والتقطت لها صورا طوال الرحلة.
وقال الجنرال ستيفن تاونسند قائد القيادة المركزية: “نفت روسيا طوال الوقت دورها الكامل في النزاع الليبي المتواصل” و”لم يعد هناك مجال للنفي الآن. فقد راقبنا رحلة المقاتلات الروسية من الجيل الرابع إلى ليبيا- وفي كل خطوة. ولا تستطيع قوات الجنرال حفتر ولا الشركات العسكرية الخاصة تشغيل وصيانة الطائرات بدون دعم، وهو الذي يحصلون عليه من روسيا”. ويقول الكاتب إن هناك تاريخا وراء الأساليب العسكرية الروسية وتورطها في الحروب الأهلية في وقت تحاول الظهور بمظهر الداعي للسلام.
وقاتلت القوات الروسية في مولدوفا نهاية الثمانينات من القرن الماضي في وقت كانت تلعب دور راعي السلام. وفي التسعينات من القرن الماضي دعمت القوات الروسية غزوا أرمنيا في أذربيجان ثم دعت لوقف إطلاق النار.
وفي بداية القرن الحالي دعمت روسيا انفصاليي أبخازيا في جنوب أوستيا، جورجيا ثم دعت إلى محادثات سلام. وبعد سيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم ودعمها العلني للانفصاليين في شرق أوكرانيا، دعت روسيا إلى السلام. وفي الفترة الأخيرة وافق الكرملين على وقف إطلاق النار في شمال سوريا. وكما قال قائد القيادة المركزية الجنرال جوزيف فوتيل تلعب روسيا دور مشعل النار ورجل الإطفاء. ولم تقد أيا من محادثات وقف إطلاق النار إلى سلام. وفي أحسن الحالات تم “تجميد” النزاعات. وفي الأسوأ هناك قتال مستمر رغم محاولات روسيا. والنتيجة النهائية لكل هذا كان “مأسسة” الوجود الروسي بالمنطقة. فلا يزال الجيش الروسي يسيطر على ثكنات في منطقة ترانسنستريا في مولدوفا بالإضافة لعدة قواعد عسكرية في أرمينيا. وحولت روسيا القرم إلى معسكر مدجج بالسلاح ودمجت قوات أبخازيا وجنوب أوستيا في الجيش الروسي. ومنحتها سوريا تمديدا للقاعدة البحرية في طرطوس.
حذر كويل قائلا إن وجودا عسكريا روسيا دائما في ليبيا يمثل تهديدا على جنوب أوروبا
وحذر كويل قائلا إن وجودا عسكريا روسيا دائما في ليبيا يمثل تهديدا على جنوب أوروبا. ويمكن لروسيا الآن تهديد الناتو من المنطقة الجنوبية بعدما هددت أوروبا بقطع الطاقة عنها كما في عامي 2006 و2009. وأضاف الكاتب أن على الولايات المتحدة ودول الناتو القلق من هذه التطورات. ولا يكفي حظر مدعم لنقل السلاح إلى ليبيا لوقف التمدد الروسي.
وقال الأمين العام لحلف الناتو، ينس سولتبنرغ، إن الحلف جاهز لتقديم الدعم للحكومة الليبية، لكن تركيا عضو الناتو هي الدولة الوحيدة التي قدمت الدعم لحكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة. وأدى التدخل العسكري التركي في ليبيا إلى إجبار خليفة حفتر على التراجع عن الجزء الغربي من البلاد، ومقابل هذا وقعت حكومة الوفاق اتفاقا مع أنقرة سمحت لها بالتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في شرق المتوسط.
ويرى الكاتب أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن أوروبا “حرة وغير مقسمة” ولكن في عصر فك الارتباط الأمريكي فقد وقفت أمريكا متفرجة أمام روسيا التي وسعت تأثيرها في أفغانستان حتى ليبيا. صحيح أن الشعب الأمريكي قلق من الحروب التي لا تنتهي، لكن يمكن للولايات المتحدة التدخل دبلوماسيا واقتصاديا لتحقيق الأهداف التي حددتها إستراتيجية الأمن القومي. وأقل من هذا يعني تلاشي التأثير الأمريكي وخسارة الحلفاء وشركاء التجارة. وفي النهاية، لم يعد لدى واشنطن الوقت لتضيعه.
نقلا عن القدس العربي