ألقى الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” اليوم الأربعاء خطاباً حول ملف محافظة إدلب شمال غربي سوريا، وذلك على وقع توتُّر كبير تشهده المنطقة بين أنقرة ونظام الأسد الذي هاجم نقاط المراقبة التركية عدة مرات بسلاح الجو والمدفعية وأوقع العديد من جنودها بين قتيل وجريح.
ولعل أبرز ما جاء في خطاب “أردوغان” هو إشارته للرد على أي قصف أو أي ضرر من المتحمل أن يتعرض له الجنود الأتراك في نقاط المراقبة، بضرب القوات التابعة لنظام الأسد في جميع الأماكن دون التقيد بحدود إدلب أو تفاهمات “سوتشي”، إلى جانب تأكيده على أن الطائرات التي تضرب الأماكن السكنية المدنية في إدلب لن تكون من الآن فصاعداً قادرة على التحرك بشكل مريح كما كان في السابق.
وأوضح أردوغان أن بلاده ستقوم بفعل “ما يجب فعله” بلا تردد إذا لم ينسحب النظام السوري إلى حدود اتفاق “سوتشي” بنهاية شهر شباط الحالي، مشيراً إلى أنها ستقوم بكل ما يتطلبه الأمر على الأرض وفي الجو دون أي تردد أو مراوغة في سبيل ذلك.
وفي قراءته لتصريحات “أردوغان” ودلالاتها أوضح الكاتب الصحفي “حسام محمد” أن اللهجة التصعيدية من قِبل الرئيس التركي تشير إلى فشل المباحثات بينه وبين نظيره الروسي “فلاديمير بوتين” ، وإصرار تركيا على مطالبها، كما أنها تشير ربما إلى عدم وجود اتفاق “تركي – أمريكي” كامل المعالم حول إدلب حتى الساعة.
وذكر “محمد” في تصريحات خاصة لـ”نداء سوريا” أن إشارة “أردوغان” لتوسعة نطاق ضربات الجيش التركي عند أي خرق من قِبل نظام الأسد، إلى خارج مناطق “سوتشي” ، هو حدث بالغ الأهمية، ويعكس الاستعداد لحرب موسعة.
واستنتج الكاتب السوري من كلمة “أردوغان” عدة نقاط أبرزها: “إمكانية تسليح المعارضة بأسلحة دفاع جوي أو قيام الجيش التركي بذلك، بهدف إيقاف ضربات النظام الجوية”، و”أن خيار الحرب المباشرة غير وارد حالياً، ويكون الانتظار إلى نهاية شباط، هدفه الحصول على إسناد دولي وأمريكي لا بد منه”، وأن “تركيا لم تعد تعول على المباحثات مع روسيا، ولكنها لم توصد الباب بوجهها، إلى جانب شعور أنقرة بالخطر المحيط بها، وأنها الهدف التالي، لذلك لا خيار أمامها إلا دفعه ما استطاعت من خلال سوريا”.
واعتبر “محمد” أن أهم ما حمله خطاب الرئيس التركي، هو تمسُّكه بمواقفه السابقة، بما يخص الانسحاب من المناطق التي دخلها النظام وفق اتفاق “سوتشي” شمالي سوريا، مضيفاً أن تركيا بدأت تستشعر فعلياً الخطر الحقيقي لأمنها القومي، وأن الروس لا يمكن الوثوق بهم إلى ما لا نهاية.
ولفت إلى أن “أردوغان” لم يُحمِّل روسيا وإيران دماء السوريين عبثاً، بل هو تلويح آخر بإمكانية نسف كل ما سبق من تفاهُمات، ونقل الملف السوري إلى الأروقة الدولية، كما أن إشارته لمنع قصف المقاتلات الحربية إلى الشمال، رسالة يراد منها الإشارة إلى أن مقاتلات النظام سيتم إسقاطها، سواء على يد المعارضة السورية أو الجيش التركي.
وختم “محمد” بالتأكيد على أن الشمال السوري ليس وحده مهمّاً لاستقرار تركيا، بل كل سوريا، بسبب التداخل الجغرافي، وعلى اعتبار أن موقع سوريا الجغرافي مهم للغاية إقليمياً وعالمياً، لذلك فإن أي زراعة للفوضى الدائمة في البلد، سيتم حصد نتائجها مستقبلاً في تركيا، التي تمتلك حرباً طويلة ومعقدة مع حزب العمال الكردستاني “PKK”، لذلك فإن “استقرار تركيا لا يتم بدون استقرار سوريا، ولا استقرار في سوريا بوجود الأسد”.
يُذكر أن الرئيس التركي أكد بعد خطابه أنه أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي “فلاديمير بوتين”، مشيراً إلى أنه تم التطرق خلالها إلى الأضرار التي ألحقتها روسيا ونظام الأسد بالقوات التركية داخل محافظة إدلب، فيما أوضح وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” من جانبه أن بلاده سترسل وفداً إلى موسكو خلال الأيام القادمة لبحث التطورات في إدلب، مضيفاً أن المشاورات ستتواصل بين البلدين، وفي حال فشلت فإن تركيا ستتصرف وفقاً لما تراه مناسباً.
نقلا عن: نداء سوريا