بصعوبةٍ شديدةٍ صعدَ والدُ براء” الشهيد” (اسم مستعار) من دوما بريف دمشق الطاعن بالسّن في السّيارة، كي تودع عيناهُ رفاةَ وَلدهِ” براء” للمرةِ الآخيرة.
أهله افتتحوا دراهم للعزاء، واستقبلوا معارفَهم. لكن في اليوم التّالي، هاتفٌ مفاجئٌ لأبي براء “الشهيد” يطلب منه أن يحضر إلى النقطة الطّبية في المدينةِ المجاورةِ لأن ابنه “براء” أضحى بخير، لابدّ أن يأتيَ ليصطَحِبهُ للمنزل، فهوَ لا يقوى على ذلك لوحده.
صدمةٌ عارمةٌ فرحةٌ واندهاشٌ أذهل الجميع.
قال والد براء” براء براء انت عايش يابني عئلي ماعاد يتحمل “.
براء (اسم مستعار ): أهلين أبي، شلونك أبي أنا منيح طمنوني عنكن” .
والد براء: يابني انت براء والله عئلي ماعم يتحمل، لكان مين الي دفناه مبارح؟ ”
براء: شو دفن مادفن ماعم بفهم عليكن.
والد براء: بس شوفك بحكي جاي جاي.
يذهب أخو براء مع والده دون أن تدركَ عقولهم ما سمعوا، وليتركوا أهل البيت بانذهالٍ غير مسبوق.
وصلوا هرولوا شاهدوا براء “الشهيد” لكنّه حي، ضمّه والده وأخوه بذهول.
والد براء: إنت عايش عايش حمد لله ياربي،
براء: مين ألكم إني متت يا أبي
والد براء: بالبيت منحكيلك .يلا تعال معي تعال ابنك مانشفت دمعتو .
غادر براء النقطة الطبية للبيت، وتغيرت خيمة العزاء في يومها الثّاني للخيمة تهاني، بالأمس شهيد واليوم على قيد الحياة.
الجميع ينتظر كيف حصل هذا؟
براء: كنت في عملي، فجأةً رأيت نار وغبار كثيف، فقدتُ الوعيَ، وجدتُ نفسي بالمشفى، متسائلاً ماذا حدث؟
ذكّروني بتعرض محلي لقصف شديد، وأحضروني مع المصابين والجرحى، وإن كنتُ أملك مايثبت شخصيتي، ماوجدتُ هويتي، الحمد لله اتصلتُ بوالدي وكلمته والبقيّة تعرفونها.
أنتم اشرحولي لي لماذا تقولون عني ميت؟
والد براء: يا بني أحضروا لنا جثةَ شهيد مشوهة، مغيبة الملامح مع هويتك ،على أنها أنت.
يبدو بعدما وقع الصاروخ قرب عملك سقطت هويتك قرب شخص وتوفى، فاعتقدوا أنه أنتَ، ولدى ذهابنا للسؤال قرنوا هويتك به رحمه الله .
لاحول ولاقوة إلا بالله، مسرورٌ جداً من عودتكَ حياً، يعتصر قلبيَ الألمُ، على الشهيد المجهول سيبقى أحبابه عندهم أمل بعودته لأنهم ما شاهدوه، ولم يدفنوه بأيديهم .
مؤلمٌ الموت لا رجوع بعده، لكن الاعتقال والفقد والتغييب ربما يُبقي أملٌ للقاء. ربما سيروي أمواتٌ كثر تفاصيل وفاتهم
أمل الشامي قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع