“لا أعلم كيف انقلبت حياتي الزوجية رأساً على عقب، وكيف تحول الترابط القوي بيننا إلى فرقة وجفاء، وأخيراً إلى حياة بلا روح ولا طعم لها أو لون سوى أنني أعيش في بيت زوجي لأجل أولادي فقط وخشيةَ الطلاق”.
تحاول رهام “اسم مستعار” الحفاظ على ما تبقى من أسرتها وترميم الشرخ الكبير الذي حصل بينها وبين زوجها، بعد عدة مشكلات انتهت إما بتعرضها للضرب أو الطلاق في إحدى المرات، والمشكلة أنها وقعت بين نارين اثنتين أولاهما أنها ستنحرم من أولادها في حال الطلاق، والثانية أنها ستتعرض لمعاملة سيئة من زوجة أبيها، والدها الذي كانت أولى كلماته لها “نحنا ما عنا بنات تتطلق”.
تنحدر رهام من ريف إدلب الشرقي، وتقيم في غرفة واحدة في إحدى مخيمات الشمال السوري، سبع سنوات مضت على زواجها كانت عجافاً وقاسية لا يتحملها أحد، وكما تقول “تحملت حمل الجبال، بدايةً من عملي في قريتنا مع ورش الحصاد والأراضي الزراعية لكي أوفر المال لمصروفنا فزوجي معظم الأوقات عاطل عن العمل، رغم ذلك كنت أتعرض للضرب والإهانات عند أصغر غلطة أو كلمة أوجهها له”.
تبكي رهام ابنة السادسة والعشرين عاماً على شبابها الضائع في العمل، بينما غيرها يعمل على مستقبله وتحصيله العلمي، وتضيف “لم استطع أن أكمل دراستي التعليمية، وندمت جداً وأنا حزينة حيال ذلك، فوالدي أجبرني على ترك المدرسة من الصف التاسع، والتفت إلى المنزل وأعماله وتربية المواشي والعمل في الأراضي الزراعية، حتى صرت في التاسعة عشر من عمري وتمت خطبتي وزواجي”.
كل زواج في بدايته جميل، هذا ما تؤكده رهام لكنه وحسب تعبيرها “العبرة في الوقت، الأشهر الأولى كان كل شيء على ما يرام، ثم بدأت تنقلب الآية والصورة فزوجي ظل عاطلا عن العمل، وأنا كنت راضيةً بذلك وبدأت أخرج للعمل للحفاظ على المنزل وتأمين مستلزماته، لكنني لم أكن أرضيه وأقابل بالضرب والشتائم عند كل غلطة، وفي إحدى المرات طردت من المنزل، وذهبت باتجاه منزل أهلي الذين استقبلوني بعكس ما توقعت”.
كان كلام والد رهام قاسياً وصعباً عليها “ما عنا بنات تزعل، زوجك وبيتك هنن حياتك وما رح نرضا تزعلي وتتطلقي” لتعود رهام في صباح اليوم التالي إلى منزل زوجها مكسورة الخاطر وتأخذ عهداً على نفسها أن تحتمل كل شيء مقابل إكمال حياتها الزوجية ريثما تتحسن العلاقة.
تمر الأيام سريعاً، لكنها طويلة وقاسية على رهام التي لم تجد تغييراً حقيقياً في حياتها الزوجية، وترزق بطفلين اثنين ساعداها على تحمل مشقة الحياة، ووجدت فيهما سعادتها وهناء عيشها، وتؤكد “أصبح طفلاي كل شيء في حياتي، أعيش لأجلهما ولا أحب أن أفارقهما ولو للحظة واحدة فهما يمنحاني الصبر والقوة على العيش، ولأجلهما لم أعد آبه بالمشاكل وأصبحت مسايرةً مسالمة”.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع