مرت خمس سنوات على تهجير أهالي حي القابون الدمشقي إلى الشمال السوري قسراً بعد حملة عسكرية شرسة أطلقها جيش النظام والمليشيات الطائفية، وبعد مفاوضات انطلقت أولى قوافل التهجير في 14 أيار من عام 2017 تحمل ألفي مهجر من حي تشرين والقابون شرقي العاصمة على أن تليها دفعات أخرى.
بتلك العمليات والاتفاقات سيطرت قوات النظام على الأحياء الخارجة عن سيطرتها منذ أواخر عام 2011 بعدما تركت معظم تلك الأحياء أثراً بعد عين وأكواماً من ركام، في حين تهجر أبناء ذلك الحي داخل وخارج البلاد وحرموا من مصادر رزقهم وبيوتهم التي بنوها بشق الأنفس.
أبو عبدالله أحد المهجرين قسراً من أحياء دمشق الشرقية عانى كثيراً بعد تهجيره إلى محافظة إدلب حيث كان التأقلم صعباً عليه بداية الأمر، ويقول “انقلبت حياتنا رأساً على عقب، وكان علينا أن نبدأ حياة جديدة ونرسم معالمها بعد خسارتنا لكل شيء من الماديات إلى العلاقات الاجتماعية فالحرب شتت الشمل ودفعت كل واحد منا إلى جهة”.
سعى أبو عبدالله بداية وصوله إلى الشمال السوري إلى تأمين منزل للسكن بعدما جلس مع عائلته لعدة أيام في مخيم للنازحين، لكنه لم يستطع الجلوس أكثر كونه غير معتاد على المخيمات فانتقل إلى ريف إدلب الجنوبي وتهجر مرة أخرى مع أبناء ذلك الريف.
وفي الحديث عن التأقلم في الشمال السوري يقول أبو عبدالله “نحن اليوم لا نفرق أنفسنا عن أبناء المنطقة، أصبحنا نتشارك كل شيء معاً، المصابُ والفرحُ والأعياد، ورغم أن غصة قلوبنا كبيرة في البعد عن منازلنا ومناطقنا التي كبرنا وترعرعنا بها إلا أن هناك مايصبرنا قليلاً، فالجميع هنا مشتتون ونازحون سواء من إدلب وحلب ودرعا ودمشق، نتقاسم المصاب سوياً فيسهل حمله”.
“كنت أشعر في ضيق شديد بداية التهجير، لا يطيب لي جلوسٌ ولانوم، أريد فقط العودة من حيث أتيت وأصبحت أتمنى الموت في منزلي بالقصف عوضاً عن أن أتهجر، لكن أمر الله حدث ولن ينفع التمني والنظر إلى الوراء، لا بد من الاستمرارية والتأقلم”.
أكمل أبو عبدالله مصلحته في غسيل السيارات، افتتح مغسلته الخاصة بعد صعوبات طويلة، وعمل لفترة قصيرة لا تتجاوز السنة ونصف قبل أن يهجر مرة أخرى من ريف إدلب الجنوبي إلى الشمالي من ثم عفرين.
“أحاول أن أكون متماشياً مع الواقع اليوم، بعد صعوبات في التعايش عشتها لخمس سنوات، واليوم هناك ظروف اقتصادية صعبة ومعيشية نعاني منها حالنا حال الكثيرين، وتلك الأحوال الاقتصادية تدفعنا للتفكير في المستقبل أكثر من الماضي، وبتأمين لقمة العيش قبل كل شيء”.
إبراهيم الخطيب/قصة خبرية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع