قبل أربع سنوات نعى ياسر شريط ولده المعتقل أنس الذي تم تصفيته في معتقلات الأسد، بعد أن اعتقل من قبل قوات النظام، وتوفي بتاريخ 11/10/2016 .
واليوم ينعي ابنته الوحيدة جود إثر قصف مدفعي بأكثر من 12 صاروخ استهدف مدينة إدلب وريفها أدى إلى استشهاد جود وإصابة آخرين.
الشابة جود (21عاماً) ابنة مدينة إدلب تخرجت من الجامعة قسم علم النفس منذ فترة قصيرة، ومديرة لروضة ومعهد لتحفيظ القرآن ،كانت قد نشرت منشوراً قبل وفاتها ب 46 دقيقة كتبت فيه “اللهم خيراً في كل اختيار ، ونوراً في كل عتمة وتيسيراُ لكل عسير، وواقعاً لكل ما نتمنى، اللهم بحجم جمال جنتك أرني جمال القادم في حياتي وحقق لي ما أتمنى، واشرح لي صدري ..اللهم الرضا الذي يجعل قلوبنا هادئة وهمومنا عابرة ومصائبنا هيّنة”، ليكون ذلك آخر ما كتبته الشهيدة جود قبل استشهادها .
وكان والد جود الأستاذ ياسر قد أنشأ مجموعة على فيسبوك اسمها ” وفيات مدينة إدلب الخضراء” وذلك بهدف نشر نعوات الوفاة، بعد أن تهجّر وتشتت أهالي المدينة في بقاع الأرض، لتصلهم أخبار أهلهم وجيرانهم وأحبائهم أينما كانوا، ليجد نفسه أمام رثاء مؤلم ينشره على ذات المجموعة ينعي فيه وفاة ابنته الشابة جود مساء الثلاثاء بتاريخ 7/9 /2021 .
كل شيء من حوله يوحي بإيقاعات الفناء وعدم الاستمرارية في هذه الحياة التي تضيق عليه وعلى الأهالي تحت قنابل الغدر وصواريخ الحقد، لتشهد جود من مرقدها الأخير، بأن القبور في أوج هذا الواقع صالحة للسكن أكثر من أي مكان آخر، وأن عقارب الزمن في أرض الشمال السوري تدور في ساعة النهاية والموت الأبدي القابع في القلوب قبل القبور .
وكانت جود الشهيدة قد راسلت صديقة لها في الساعة الثالثة من ظهر يوم الثلاثاء أمس ” يا الله يا شهد هي أول مرة بجيني هالاحساس حاسة عندي طاقة للبكي بس ماعم تنزل دمعتي وهالليلة مضيتها مدري كيف مدري غصة مدري تعب مابعرف عنجد مهدود حيلي وغصة مو طبيعية” لترد صديقتها شهد عليها ببعض الكلمات متأثرة بما تقوله جود فتقول “أحاسيسك هي بتخوفني حسبي الله ونعم الوكيل الله يهدي بالك “، لترد جود “يارب دخيلك”، ثم تمضي بضع ساعات فتتعرض أحياء إدلب لقصف وحشي بصواريخ مدفعية لتراسل شهد صديقتها بعد أن علمت بأن حي الضبيط الذي تسكنه جود قد تعرض للقصف فتكتب “جود طمنينا كيف الوضع ،جود أمانة وينك ، ياجود بربك ردي ، قال الضربة عندكن “، لكن دون رد من جود التي استشهدت إثر ذلك القصف الغادر.
تم تشييع الشهيدة جود اليوم الأربعاء الساعة العاشرة صباحاً من جامع بلال لتخبرنا جنازتها بأنه لا يوجد هناك قسوة أكثر من فراق الأهل لأبنائهم، ومن الاستحالة أن يعودوا كما كانوا ، وموت جود وغيرها من الأحبة مفجع سيترك ألماً وأثراً سيئاً لا يمحى مع الزمن ، فراق لا يُبقي لنا سوى ذكرياتنا معهم .
إلى متى ستبقى رحى الحرب تطحن شعب سوريا الجريحة وإلى أين ستقودنا هذه الحرب الضروس أكثر مما وصلنا إليه من قتل ودمار وتشريد ؟؟!!.
قصة خبرية/خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع