“ربطتنا المصيبة التي أحلت بوطننا بأخوة لنا وإن تغير المكان، وأجبرنا على الخروج من داريا لأجل من تبقى من الأهل، لكن من أجل من بات تحت التراب سنعود من جديد لنمجد ذكراهم ونكمل مسيرة نضالهم ودرب الحرية التي رسموا لنا طريقها بدمائهم الذكية”.
تلك كلمات عماد ابن داريا (35 عاماً) وهو يغادر موطن رأسه وورثة أجداده لكن مع رفضه للحزن يتابع بصوت متقطع “خرجنا رغم عنا بقلوب تطفح حزناً.. والظلم الذي أصابنا أصاب كثيرا من السوريين.”
” قصف همجي وحصار خانق إن صبر عليه جسد الكبار لن تصبر عليه أجساد الصغار، وإن نجا منزل اليوم من القصف فقد تكدس ركام منزل آخر بجانبه من قبل.. نحن نواجه نظاما سقطت عند قدميه كل معايير العجز والجبن لم تشهد البشرية جمعاء أعنف منه في قتل الأبرياء الذين يواجهون الموت في كل لحظة وكل يوم.. أه كان الله في عوننا على من لا يخافه”.
انحنى عماد لمستوى منخفض من تراب الأرض وأمسك حفنة منها ونظر إلى طفله الرضيع بعيون تلمع شرراَ قائلاً “إن مت يا بني فهذه تربتي وإن طال بي العمر ستكون تحت أقدامك حديقة ترسم لك المستقبل”.
أمسك صديقه “علي “بيده وقبلها بحرارة الأخوة قائلاً “لا تحزن يا صديقي سأخبرك ما يثلج قلبك سيخرج “حزب الله” عشرات الجثث ممن لم تعرف عائلاتهم بعد بوفاتهم فجبنهم كجبن من يوالون يتكتمون على من مات خوفاً من ذويهم وستتكشف خسائرهم البشرية التي تزداد رغماً عنهم”.
نهض عماد وقبل رأس صديق المحّن وبابتسامة الأمل تابع حديثه “بعون الله ستكون داريا موطن استنزاف لحزب الله وأعوانه من نظام فقد الشرعية وتكشفت خططهم.. وتلك رفات دنست أرضنا الطاهرة ونحمد الله على أنها ستغادر تربتنا العطرة.. ذهاب بلا عودة، وإن شاء الله كباركم من ضباط ومفكرين يخططون لحدفهم ويرسلون أبناءهم ليقتلونا و يداهموننا في أرضنا.. لكن نعدهم بأن نردهم إليهم مهزومين جثثاً هامدة مهما تجبرت نفوسهم” .
ارتدى عماد جعبته وحمل طفله الصغير بحنية إلى صدره ومشى بخطىً ثقيلة نحو أماكن التجمع للمغادرة من داريا يمشي تارة ويلتفت تارة مودعاً رفض الدموع والاستسلام.. وبنبرة صوت الواثق من فرج الله وقدرته على نصرة المظلوم دمدم “سنرد لكم غداَ أيها الجبناء.. إن لم يكن بنفس الموقف فسيكون بنفس الألم”.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد