ترك برس
اعتبر خبيران تركيّان أن الأولوية في العلاقات التركية مع الدول الأخرى هي للاقتصاد، وهذا لا يعني التراجع عن المواقف السياسية، بقدر ما هو فصل بين الملفين، مُشدّدان على أن إيران أرض خصبة للاستثمار بعد رفع العقوبات، وأن الاقتصاد بدأ يجر السياسة بعد تأسيس أكثر من 100 شركة تركية في المدن الإيرانية.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “العربي الجديد” عن المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، قوله إن العلاقة الاقتصادية بين طهران وأنقرة قديمة، ولم تتأثر حتى خلال الحظر الاقتصادي والعقوبات على إيران. بل على العكس، إذ كانت تركيا المنفذ الوحيد لطهران رغم تأرجح العلاقات السياسية وقتذاك، حول الملفات الإقليمية، وأهمها العراق وسورية.
ويضيف كاتب أوغلو أن تركيا، خاصة بعد وصول رئيس الوزراء بن علي يلدرم، ورفعه شعار “أعداء أقل أصدقاء أكثر”، بدأت بفصل السياسة عن الاقتصاد، والسعي لرفع حجم التبادل التجاري مبدئياً مع إيران إلى 30 مليار دولار، داعية بالوقت نفسه رؤوس الأموال الإيرانية لتأسيس استثمارات في تركيا، والاستفادة من الإعفاءات الضريبية والتسهيلات.
ويؤكد المحلل التركي أن الأولوية في العلاقات التركية هي للاقتصاد، وهذا لا يعني التراجع عن المواقف السياسية، بقدر ما هو فصل بين الملفين، لافتًا إلى أن إيران شريك تجاري مهم يورد لتركيا حوامل الطاقة، والأخيرة بحاجة إلى تطوير اقتصادها بعد التراجع البسيط الذي شاب نموه خلال العام الحالي، وإيران قد تكون الشريك الأسرع في تعويض تلك الأضرار.
ووفقًا لـ “العربي الجديد”، فإن العلاقات الاقتصادية التركية الإيرانية أخذت شكلاً جديداً، بعد رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن طهران وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإيران، على رأس وفد اقتصادي في أبريل/نيسان الماضي، لحضور جلسات مجلس التعاون التركي الإيراني وتوقيع اتفاقات مشتركة في مجالات الطاقة والاستثمار والسياحة بقيمة 10 مليارات دولار، والاتفاق على تزويد إيران لتركيا بالبترول مقابل أن تقوم تركيا بإعادة تأهيل سكة حديد خط إرماق -كرابوك؛ والذي تقدر تكلفته بثمانين مليون يورو.
كما نقلت الصحيفة عن الاقتصادي التركي، خليل أوزون، أن العلاقات الاقتصادية بين تركيا وإيران، تفضّل على السياسة التي تمتاز بعدم الثبات والوضوح، بدليل وصول حجم التبادل التجاري عام 2012 إلى أعلى مستوى، بنحو 21 مليار دولار، رغم الخلافات السياسية حول الملف السوري، قبل أن يتراجع التبادل، أيضاً بفعل السياسة، ما نبه كلا البلدين لفصل الملفين والتركيز على الاقتصاد كرافعة، حتى للعلاقات السياسية والرؤى المشتركة في المستقبل.
ويلفت الاقتصادي التركي إلى أن إيران أرض خصبة للاستثمار بعد رفع العقوبات، وبدأ الاقتصاد يجر السياسة بعد تأسيس أكثر من 100 شركة تركية في إيران، 38 منها في تبريز ذات الأغلبية الأذرية من أصل تركي الذين يتحدثون اللغة التركية ويستهلكون المنتجات التركية، وبالمقابل بدء الإيرانيين الاستثمار في تركيا.
كما لفتت “العربي الجديد” الانتباه إلى ما قاله الخبير الإيراني في شؤون العلاقات الدولية، محمد علي دستمالي، إثر زيارة رئيس الوزراء التركي السابق، أحمد داود أوغلو، لطهران، قبل أشهر، إذ لم يفصل دستمالي السياسة عن الاقتصاد، بل ترك الأولوية للسياسة بقوله “إن تعزيز العلاقات الثنائية بين تركيا وإيران لن يكون سهلاً، رغم التصريحات الإيجابية الصادرة من الجانبين”، لافتاً وقتذاك إلى عقدة “الأزمة السورية في تحسين العلاقات بين طهران وأنقرة، لأن هذه الأزمة لا ترتبط بإيران وتركيا فقط، وإنما بالولايات المتحدة، وروسيا، ودول أخرى، معنية بها، وأعتقد أنها مسألة لن تحل في المستقبل القريب”.
يبقى الغاز الطبيعي هو السلعة الرئيسة للتجارة بين البلدين. إذ تشتري تركيا 10 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي الإيراني كل عام، فضلاً عن إحياء مشروع نقل الغاز الطبيعي الإيراني إلى أوروبا من خلال مشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول. والذي سيمر عبر تركيا وينتهي عام 2018 بقدرة سنوية أولية تصل نحو 16 مليار متر مكعب يمكن أن تتضاعف خلال سنوات.
كما لا يمكن تحييد النفط الخام عن أسرار الاقتصاد بين البلدين، إذ كانت تركيا تستورد نحو 51 % من حاجتها من النفط الخام من إيران، التي تمتلك 10% من احتياطيات النفط العالمية، قبل أن تتراجع نسبة النفط المستورد من إيران إلى نحو 28% بعد الفتور السياسي ودخول النفط العراقي إلى خط الواردات التركية.