طالبت وزارة الخارجية والمغتربين بإدانة العدوان التركي على الأراضي السورية واتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة بحق النظام التركي استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة مؤكدة أن هذا العدوان يشكل انتهاكا صريحا على الجمهورية العربية السورية وعلى سيادتها على أرضها.
وقالت الوزارة في رسالتين متطابقتين إلى كل من رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحد، بحسب ماذكرته وكالة سانا السورية: إلحاقا برسائلنا السابقة حول انخراط الحكومة التركية المباشر في تقديم جميع أشكال الدعم للأنشطة الإرهابية التي تستهدف سورية وذلك من خلال تسهيلها لعبور آلاف الإرهابيين والمتطرفين والمرتزقة الأجانب من شتى أنحاء العالم إلى داخل الأراضي السورية ومدهم بالمال والسلاح وتدريبهم وتأمين الملاذ الآمن لهم في انتهاك صارخ لقرارات مجلس الأمن وخاصة قراراته رقم 2170-2014 ورقم 2178-2014 ورقم 2199-2015 نود أن نحيطكم علما بأن النظام التركي لم يكتف بتقديم جميع أشكال الدعم لادواته من عصابات داعش وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة بل قام بنفسه فجر يوم الأحد 22 شباط 2015 بتنفيذ عدوان سافر على أراضي الجمهورية العربية السورية متمثل بتوغل مئات الجنود والآليات العسكرية الحربية التركية داخل الأراضي السورية.
وأضافت إن الحكومة السورية تشير إلى أنه وبالرغم من قيام وزارة الخارجية التركية بموجب مذكرتها المؤرخة 21 شباط 2015 بإبلاغ القنصلية العامة للجمهورية العربية السورية في اسطنبول عشية هذا العدوان بنيتها نقل ضريح سليمان شاه إلى مكان آخر إلا أنها لم تنتظر موافقة الحكومة السورية على ذلك كما جرت العادة وفقا للاتفاقية الموقعة عام 1921 بين تركيا وسلطة الاحتلال الفرنسي آنذاك.
وأوضحت الوزارة “وفي هذا الصدد نذكر بأن المادة 9 من اتفاقية أنقرة لعام 1921 نصت على أن قبر سليمان شاه جد السلطان عثمان مؤسس السلالة العثمانية /المعروف باسم المزار التركي/ والواقع عند قلعة جعبر سوف يبقى مع ملحقاته ملكا لتركيا التي بإمكانها أن تعين له حراسا وأن ترفع العلم التركي فيه ووفقا للنص نجد أن ملكية الحكومة التركية المقررة بموجب الاتفاقية تقتصر على القبر وملحقاته للرمزية التي يمثلها وتتجلى تلك الرمزية من خلال إدارج تسمية /المزار التركي/ في نص المادة ولا يمكن بأي حال تفسير هذا النص بأنه يرتب حقوقا سيادية للحكومة التركية على الأرض التي يقع فيها المقام وبالتالي فإن مجرد قيام الحكومة التركية بنقل الضريح إلى تركيا يفقدها أي حق ملكية على الأراضي السورية ولا مجال بعدئذ للاستناد إلى نصوص
اتفاقية أنقرة لتبرير الاستيلاء على أرض سورية بديلة عن تلك التي كان يقع فيها الضريح سابقا نظرا لأن الضريح الذي يدخل في ملكية تركيا لرمزيته تم نقله وبالتالي لم تعد لتركيا أية حقوق ملكية على الأرض التي تم تشييد الضريح عليها وهو الأمر الذي ينطبق على حالة نقل الضريح للمرة الأولى أثناء إنشاء سد الفرات وهو ما يؤكد أن ملكية تركيا المقررة بموجب اتفاقية أنقرة تقتصر على الضريح بينما تدخل الأراضي التي أقيم عليها الضريح في الأملاك العامة للدولة السورية وكذلك الأمر في الموقع الذي تم نقل الضريح إليه في السبعينيات إذ تم تخصيص مساحة معينة من أملاك الدولة السورية لنقل الضريح إليها بناء على اتفاق ثنائي بين البلدين”.
وتابعت الوزارة في رسالتيها: إن حكومة الجمهورية العربية السورية تؤكد أن قيام الحكومة التركية بنقل موقع المزار إلى منطقة أخرى داخل الأراضي السورية من خلال /تصرف أحادي/ ودون أي اتفاق بهذا الشأن مع الحكومة السورية /لا يمكن تبريره/ إلى أنه يستند إلى اتفاقية أنقرة للعام 1921 بل يعد /خرقا/ للمادة رقم 9 من هذه الاتفاقية التي حددت مكان الضريح بشكل صريح والذي تم نقله لاحقا بموجب اتفاق بين الطرفين كما يعد /تصرفا أحاديا/ يندرج في إطار الاعتداء على السيادة الوطنية للدولة السورية نظرا لأن الاتفاقيات والمراسلات المتعلقة بالمزار المذكور تعالج الأمر من زاوية القيمة الرمزية وليس باعتباره قطعة أرض تركية متنقلة على الأرض السورية.
وقالت: إن الحكومة السورية تود أن تشير إلى أن وزارة الخارجية التركية كانت قد استندت في المذكرة التي وجهتها إلى القنصلية العامة للجمهورية العربية السورية بتاريخ 21 شباط 2015 إلى مذكرة القنصلية العامة السورية في اسطنبول رقم 419 تاريخ 29 أيلول 2012 باعتبارها مستندا يمكن الرجوع إليه لتبرير العدوان التركي باعتبار أن تلك المذكرة تزعم بأن الضريح يعد جزءا من الأراضي التركية وتبين سورية في هذا المجال أن المذكرة رقم 419 المشار إليها آنفا لا تتضمن على الإطلاق ما يشير إلى اعتبار الضريح جزءا من الأراضي التركية بل اقتصر موضوعها على تعهد الحكومة السورية بتشكيل لجنة فنية لتقييم الأضرار التي لحقت بالمزار في حينه.
وأضافت الوزارة في رسالتيها: كما تبين الحكومة السورية بأن الحكومة التركية قد أشارت أيضا في مذكرتها المؤرخة في 21 شباط 2015 إلى أن نقل المزار قد تم بصورة مؤقتة لاعتبارات أمنية وعليه فإنه كان الأجدر أن يتم تخصيص موقع جديد للضريح داخل الأراضي التركية باعتبار أنه لم يعد عقارا بمجرد إزالته من موقعه بل غدا منقولا وبالتالي فإنه لم يعد هناك وجود لأي مستند قانوني للمطالبة بموقع جديد للضريح على الأراضي السورية.
وأضحت الوزارة أن ما يثير الريبة حول حقيقة النوايا التركية من هذا العدوان هو أن هذا الضريح يقع في منطقة توجد فيها عصابات تنظيم داعش الإرهابي في محافظة الرقة والذي قام بتدمير المساجد والكنائس والأضرحة لكنه لم يتعرض لهذا الضريح الأمر الذي يؤكد /عمق الروابط/ القائمة بين النظام الأردوغاني وهذا التنظيم الإرهابي حيث لم يتعرض الأخير للقوات التركية لدى دخولها أو خروجها وهو /دليل آخر/ على التنسيق والتعاون القائم بين النظام التركي وداعش وغيره من التنظيمات الإرهابية.
وأكدت الوزارة في رسالتيها أن العدوان التركي على سورية يشكل /انتهاكا صريحا/ على الجمهرية العربية السورية وعلى سيادتها على أرضها ما يعني أن الحكومة التركية قامت بفعل يتعارض مع /القواعد الآمرة/ في القانون الدولي والتي من بينها احترام السيادة الوطنية وتحريم العدوان.
كما أن قيام الجانب التركي بإدخال قوات عسكرية لنقل الضريح يعد /عدوانا سافرا/ على دولة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة و/خرقا للقوانين والمواثيق الدولية/ وخاصة ميثاق الأمم المتحدة ولا سيما المادة الثانية منه التي تنص على أنه يمنع التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة مضيفة كما أن الاستيلاء قسرا على أراض سورية والحديث هنا عن قرية اشمة الحدودية ورفع العلم التركي عليها تمهيدا لنقل الضريح إليها مستقبلا يعد احتلالا لأرض سورية ولا يمكن بأي حال من الأحوال التذرع بأحكام اتفاقية أنقرة لعام 1921 لتبرير ما قامت به الحكومة التركية على اعتبار أن الصلاحيات الممنوحة للحكومة التركية سواء لجهة الضريح أو رفع
العلم التركي وتعيين حراسه قد وردت مقيدة بموقع الضريح الأول ورمزيته.
وقالت الوزارة: إن الحكومة السورية تؤكد بأن قيام تركيا بانتهاك أحكام اتفاقية العام 1921 يحمل السلطات التركية المسؤولية المترتبة على تداعيات هذا العدون مضيفة إن حكومة الجمهورية العربية السورية اذ تضع بين أيدكم هذه المعلومات فإنها تدعو الأمين العام ومجلس الأمن إلى إدانة هذا العدوان التركي الخطير واتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة بحق النظام التركي استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأعربت الوزارة عن الرغبة في إصدار هذه الرسالة كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن.