معظم المعالم السياحية في سوريا الأثرية والطبيعية، تأثرت بانعكاسات الحرب التي غيبت دورها في الدخل الوطني ً، وهمشت أسماء مناطق كثيرة، كانت في الأساس بعيدة عن عناية النظام السوري فيها، ومنها حمامات الشيخ عيسى في ريف إدلب.
تقع حمامات الشيخ عيسى بالقرب من مدينة جسر الشغور التابعة لمحافظة إدلب في شمال سوريا وهي منطقة تتبع لقرية الحمامة، اكتسبت اسمها من أحد الصالحين “الشيخ عيسى” الذي يقع مزاره في الجهة الشرقية بعيداً عن الحمام بحوالي 300 متر.
ارتقى أكثر من 300 آلف شهيد مدني في سوريا وفقدوا الحياة من غير أي مبالاة لحكام العالم، ضاعت أهمية حمامات الشيخ عيسى السياحية سابقاً، بعدما استهدفها النظام الأسدي لمرات عدة ببراميل متفجرة من المروحيات، رغم وجود مخيم للنازحين داخلها، الذين وجدوا بها ملاذا آمن، لوقوعها بين جبلين مرتفعين، لكن هذا الشيء لم يشفع لها من آلية دمار النظام السوري.
على ضفة نهر العاصي أقيم ذاك المخيم فيها قبل 3 سنوات تقريباً، لكن معاناة قاطنيه تتزايد يوماً بعد يوم، بما أن أقرب نقطة طبية إليه تبعد عنه 10كم، وندرة وسائل المواصلات داخله، يقول أحد النازحين فيه لقناة العربية :” إن البرد قد فتك بأجسادنا خاصة عندما تخترق مياه الأمطار أو العاصي خيمنا، ولا وجود للمدافئ خوفاً من الحرائق، والحطب فقط نستعمله خارج الخيم لطهو الطعام”.
وفي تقرير تلفزيوني لمنظمة ( سوريا دعم )، تحدث أحد المسؤولين عن الأوضاع الإنسانية ضمنه فقال:” لدينا أكثر من 1000 شخص والعدد في ازدياد مطرد مع قصف النظام للمناطق المحيطة حوله، والخبز غالي الثمن، لدرجة أن كل خمس عائلات يشتركون بشراء كيس الطحين ويخبزون على أيديهم، والخيم هشة ومنذ أشهر لم تقدم أي منظمة دعما يذكر”.
المستشفى الطبيعي، هكذا وصفت حمامات الشيخ عيسى، فإلى جانب كونها منطقة سياحية فإن مياهها الكبريتية علاج من غير دواء لكل قاصد لها، كلسية وتمتاز باحتواء عالي جداً نوعاً ما على شوارد الكلور والفوسفات والصوديوم المعدنية، ذات الأهمية الطبية والصحية، حيث يستخدم النبع في الشفاء من بعض الأمراض الجلدية و التي وثقتها كلية الطب بجامعة حلب، لأن مياه هذا الحمام ذات فوائد علاجية في المشاكل الجلدية، منها “الأكزيما الدهنية، قشرة الرأس النخالية المبرقشة، كما أن التعرض للشمس التالي للاستحمام يفيد في الأمراض الجلدية، كالصدف، أكزمة تأتبية، حزاز مسطح، بهاق، النخالية الحزازانية المزمنة”.
وإلى القرب من الحمام توجد عيون ماء شديدة الغزارة تسمى “سبع عيون” وعيون أخرى تستجرُّ مياهها لإرواء القرى المجاورة وقد تم شق الطرق الحديثة المعبدة لتصل الحمام بعيون الماء بعد أن كانت الطرق قديمة منذ الاحتلال الفرنسي.
إن طبيعة الحمام هي إحدى أغرب مفارقات الطبيعة فهو لا يبعد عن مجرى نهر العاصي والينابيع الباردة سوى بضعة أمتار ويتميز بمياهه الحارة دائمة الجريان، لهذا من غير المعقول أن يترك نظام الأسد مكاناً للسياحة والعلاج في آن واحد على قيد التطور بموارده الطبيعة إلى الأمام.
المركز الصحفي السوري ـ محار الحسن