من هبة محمد: يستغل «حزب الله» اللبناني حاجة أهالي مدينة مضايا المحاصرين في ريف دمشق للقمة عيشهم، وذلك في المنطقة الخارجة عن سيطرته، وخاصة بعد رفض مسؤولي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التجاوب مع قضية إخراج الحالات الإنسانية خارج المدينة، الأمر الذي يفسح المجال أمام «حزب الله» لمساومة الأهالي على عقاراتهم وممتلكاتهم داخل المدينة، وسلبهم حق العودة إليها.
وفي لقاء مع الناشطة الإعلامية، زينة – وهو الاسم المستعار لطالبة جامعية من مدينة مضايا – قالت إن «حزب الله» اللبناني «بات يعتبر مضايا حصة خاصة به، من حقه أن يتحكم بأهلها وبقوتهم ويفرض عليهم القوانين، ويهب لمن يشاء الحياة، ويحكم على من شاء بالموت».
وشرحت زينة آخر سياسات «حزب الله» في مضايا، والتي تتمحور حول مساومة الحزب لأهالي المدينة ممن يود الخروج من الحصار، بالتنازل عن كامل ممتلكاتهم، قائلة: «يتوجب على من يود الخروج من المدينة أن يوقّع على ورق أبيض بكل ما تعنيه الكلمة، ومستندات يتنازل بموجبها عن كامل ممتلكاته وعقاراته وحقوقه في المدينة، ويدفع فضلا عن ذلك مبلغ 200 دولار أمريكي، مقابل المواصلات التي ستخرجه من مدينته إلى مناطق سيطرة النظام».
وتحدثت الطالبة الجامعية لـ «القدس العربي» عن «تهجير وتغيير ديموغرافي بطيء يفرض على المنطقة المحاصرة، وسط حالة من الصمت، لأن من يقوم بهذا التغيير هو حزب الله، الذي يفاوض المدنيين بشكل مباشر، بعيدا عن أروقة السياسة والضجة الإعلامية، حيث يوقّع من أراد الخروج أيضا على ورقة يتعهد فيها بعدم العودة إلى مضايا بشكل نهائي، وكأنه ولأول مرة يتمكن محتل من مسح سجلات النفوس والهوية وأوراق الطابو التي تثبت الملكية، والقيام بعمليات الترحيل بدون رجعة»، بحسب وصفها.
وفي حال كان المحاصر، الذي يود الخروج من مضايا، فقيرا معدما، أو نازحا إلى المدينة، كأهالي مدينة الزبداني أو غيرهم من بلدات ريف دمشق ممن لا يملكون عقارات داخل مضايا، فسيضطر الشخص في هذه الحالة لدفع مبلغ يقدر بخمسة آلاف دولار أمريكي، مقابل إخراجه إلى مناطق سيطرة النظام السوري.
وأردفت المتحدثة أن «ما يضطرنا إلى التخلي عن كل شيء، مقابل التعامل مع محتل شيعي، هو خذلان العالم، والمنظمات التي تدعي الإنسانية بالدرجة الأولى، لأن مسؤولي الأمم المتحدة وبعض تلك المنظمات قد وعدوا مرارا بإدخال عيادات متنقلة إلى داخل مضايا، وأدوية وعقاقير للحالات المزمنة والأمراض المعدية، فضلا عن إخراج 400 حالة إنسانية كحد أقل، ممن يحتاجون رعاية طبية خاصة، ليتلقوا العلاج في أماكن آمنة، لكن في الواقع لم ينفذ أحد منهم بهذه الوعود، ولا يرد أحد ، أو الوسطاء المكلفون المتابعة وتسيير أمور المساعدات على اتصالاتنا».
وأنهت زينة حديثها لـ «القدس العربي» بأن «نزف الموت جوعا لم يزل قائما، حيث تودع المدينة يوميا، شخصا على الأقل قضى بسبب الجوع، مرجحة أن يكون العدد في الأيام القادمة قابلا للزيادة، بسبب الحالات الشديدة الخطورة».
القدس العربي