تشتكي النساء الحوامل في مخيم الركبان عند نقطة التقاء الحدود السورية – الأردنية، من غياب الرعاية الطبية، بعد إغلاق منظمة «اليونيسيف» النقطة الطبية الوحيدة المخصصة لاستقبال النساء والأطفال، والواقعة داخل الحدود الأردنية، بسبب الإجراءات التي أعلن عنها الأردن لمواجهة انتشار جائحة كورونا.
وحسب مصادر «القدس العربي»، تحتاج تسع نساء حوامل داخل المخيم إلى إجراء عمليات قيصرية للولادة، ما دفع بهيئات في المخيم إلى إطلاق نداءات استغاثة إلى الأمم المتحدة، لإعادة تفعيل النقطة الطبية .وأوضح رئيس المجلس المحلي في مخيم الركبان محمد درباس الخالدي، في حديث مع «القدس العربي» أن طبيباً أمريكياً في قاعدة «التنف» التابعة للتحالف الدولي في سوريا، أشرف على ثلاث حالات ولادات قيصرية، رغم عدم تخصصه في مجال الأمراض النسائية والتوليد. وأكد أن الطبيب عاد للولايات المتحدة بعد ذلك، ما يعني أن الحالات المتبقية قد تواجه خطر الموت، في حال لم يتم نقل الحوامل إلى الأردن لإجراء عمليات قيصرية.
بعد إغلاق «اليونيسيف» النقطة الطبية الوحيدة فيه… وحاجة لعمليات قيصرية مستعجلة
وكانت صحيفة «التايمز» الأمريكية قد أكدت أن الطبيب الضابط المتواجد في القاعدة الأمريكية لم يكن على استعداد لمساعدة الحوامل، إلا أن الطبيب وافق بعد اتصالات أجراها ناشطون في المجال الإنساني، موضحة أنه «بالرغم من أن الضابط الطبي في المخيم لم يكن على دراية بعمليات التوليد، فقد أجرى الجراحة للمرأة الأولى بمساعدة زميل كان يراقب العملية من خلال رابط فيديو في الولايات المتحدة». وأعرب الخالدي عن أسفه العميق، لعدم استجابة المكتب الأممي في دمشق لمناشدات سكان المخيم، موضحاً أنه «تم إبلاغ المكتب الأممي بوجود حالات طبية حرجة، ولم نحصل على أي استجابة للآن»، مشيراً كذلك إلى رفض الأردن استقبال النساء، بذريعة إجراءات كورونا.
من جانبه، قال رئيس «هيئة العلاقات العامة والسياسية في الركبان» شكري الشهاب، لـ»القدس العربي»، إن الوضع الصحي قبل إغلاق النقطة الطبية التابعة لليونيسيف كان سيئاً للغاية، وجاء القرار الأخير ليزيد الطين بلة، وفق تعبيره.
وأضاف أنه «مضى على إغلاق النقطة الطبية قرابة الشهر، ولدينا في المخيم اليوم حالات حرجة بحاجة إلى تدخل طبي، من بينهن نساء بحاجة إلى عمليات ولادة قيصرية». وحسب الشهاب، فإن المؤسف أن تقوم الأمم المتحدة بإغلاق النقطة الطبية، في الوقت الذي يعاني فيه العالم من صراع مع وباء كورونا، مبيناً في هذا الخصوص، أن المخيم يعاني تماماً من فقدان أي معدات طبية ووقائية لمكافحة فيروس كورونا في حال وصلت الجائحة إلى المخيم، وقال «كان على الأمم المتحدة تزويد 10 آلاف مدني بمعدات لمواجهة المرض، من قفازات وأقنعة واقية ومطهرات، وكذلك تنفيذ حملات توعية للسكان».
وأضاف الشهاب، أن الهيئة في المخيم خاطبت الأمم المتحدة ووضعتها أمام مسؤولياتها الإنسانية، مستدركاً «لكن الأمم المتحدة لم ترد على مناشداتنا». ويعاني المخيم من وطأة حصار شديد، تفرضه قوات النظام على الطرق المؤدية إلى منطقة «التنف» التي يقع فيها المخيم، ويرزح سكانه تحت وطأة غلاء المواد الغذائية الضرورية التي تدخل المخيم بعد فرض النظام مبالغ مالية لقاء السماح بإدخال كميات قليلة منها، ونتيجة ذلك يواجه السكان تحديات معيشية كبيرة، من بينها نقص المواد الغذائية الأساسية، والخبز على رأسها.
وقبل إعلان روسيا عن فتح ممرات آمنة نحو مناطق النظام، كان عدد النازحين في داخل مخيم الركبان يتجاوز 45 ألفاً، وبقي منهم في الوقت الراهن نحو 10 آلاف، من الرافضين العودة إلى مناطق النظام، ويطالبون بالسماح لهم بالانتقال إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري. وسبق وأن أكدت مصادر محلية قيام النظام باعتقال عدد كبير من العائدين لمناطق سيطرته من مخيم الركبان، وذلك رغم الضمانات الروسية التي تم تقديمها لهم، وذكرت مصادر حقوقية أن النظام حول العشرات من العائدين إلى المعتقلات، بعد أن كان قد أجبرهم على التوجه إلى مراكز للإيواء في مدينة حمص.
يذكر أنه مضى على دخول آخر قافلة مساعدات أممية إلى الركبان أكثر من نصف عام، وسط اتهامات لروسيا بعرقلة وصولها، وذلك في مسعى منها لدفع السكان إلى مغادرة المخيم، وصولاً إلى تفكيكه، في حين كان الأردن قد أغلق حدوده بشكل كامل مع مخيم الركبان منذ العام 2016، معلناً المكان «منطقة عسكرية».
القدس العربي