مئاتُ الآلافِ ممن انقطعت بهم السبل، وسدت جميعُ الأبوابِ والحدودِ بوجوههم، أصبحوا حائرينَ أمام مصيرهم، إلى أين المآل؟”
لم يكن هناك جواباً يدركُ مخيلتهم سوى مخيماتِ اللجوء، “الوطنُ الصغير” والعالمُ الضييق
كنتُ أتجولُ هناك، لا أدري عمّن أكتب!!؟، من أسأل!!.
فجميعُ من حولي نكباتٌ وآلام!! وجوهُ الناسِ كانت كفيلةً بروايةِ كل القصص، وفي كل خيمةٍ وركنٍ كانت ألفُ ألفِ قصة…
أأكتب عن “أبو فراس” مصابُ الحربِ المسكينِ الذي لم يعد يقوا على الحركةِ وأصيبَ بعجزٍ أرداهُ طريحَ الفراش!!
أم أروي قصةَ “أم خالدَ” اللتي غابَ عنها زوجها منذ 2016 إلى جهةٍ غير معلومة، ووضعت بصدرها كل أثقال الأرض وهمومُ الحياةِ والأولاد..!
عن ماذا وماذا أحكي، آلافُ المآسي تضجُ هناك
اقتربتُ من رجلٍ يظهرُ عليهِ الوقار، كان مفعماً بالهدوء والسكينة.
“سألتهُ لماذا أراكَ تجلس هنا طوالَ الوقت؟
_ انتظر أولادي، ذهبوا مع الشمسِ ولم يعودو للآن، قالوا بأنهم ذهبوا للعمل في قطافِ الليمونِ في بانياس، لكن لم يعودو،
دعني وشأني انتظرهم….”
سألتهُ خائفاً من ردةِ فعله… منذ متى تنتظر!!
( منذ الصباح..،
لكني أراكَ كل يومٍ هنا…!
نعم فالأيامُ والوقتُ توقفَ عندي حتى يرجع أبنائي….)
(كان أبناءه قد قتلوا منذ ست سنين، على يد ميليشياتِ الشبيحة، ومايزالُ ذلك العمُ ينتظر على أمل العودة..)
قصصٌ ومآسي كثيرةٌ لا يستطيعُ أحدٌ أن يدركها، ملايينُ يحاصرون خلف تلكَ العوازلُ القماشية، “الجدرانُ الهشة” يعيشونَ يومهم ونهارهم وحرهم وشتائهم على الروتينِ ذاته، والأمل ذاته، أمل العودة لديارهم، فلا شيئَ أحب لقلوبهم من ترابِ أراضيهم الزراعية، وشجرةُ الزيتونِ المثمرة، ويستمر ذلك الأملُ والحرمانُ ولا ساكنَ يحركُ في ذاك المجتمع الفاشل…
إبراهيم الخطيب – المركز الصحفي السوري