عبدالرحمن مهابادي: كاتب ومحلل سياسي
تغييرالنظام الإيراني، حلم أم حقيقة؟ هذا سؤال مطروح من الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بعد انتهاء ولاية باراك أوباما الرئيس الأميركي السابق إذ كان الجواب في فترة أوباما وباعتماده سياسة الاسترضاء تجاه النظام الإيراني واضح جداً وكان نهج أوباما التقرب من نظام الملالي وتغيير سلوكه ولا أكثر.
لكن وبعد تسلم الرئيس الجديد دونالد ترامب، هناك بوادر لتغيير النظام الإيراني في الولاية الجديدة حيث أثار ردود أفعال مختلفة في الأوساط السياسية للغرب بالذات. فمنهم من فسر مواقف الحكومة الجديدة تمهيداً لخيار ” الحرب“ وبالتالي ” خطرة “ فالنتيجة تتجسد في عدم لمس هذا النظام تخوفاً من تبعاته .. وهناك من يدعم مواقف الادارة الجديدة الأمريكية أن ” سياستها تغيير النظام الإيراني “ لأن سياسة الاسترضاء ولى عهدها ومجربة ولا جدوى فيها كونها فاشلة، وهناك من يذهب أبعد من الآخرين ويقول الطريق الوحيد للخلاص يكمن في دعم المقاومة الإيرانية .
والسؤال الذي يطرح نفسه، أي خيار حقيقي بين خياري الاسترضاء ورؤية تغيير سلوك النظام أو تغيير النظام أو الحرب ؟وإن كان تغييرالنظام حقيقة، كيف تترجم هذه الحقيقة ؟من خارج الحدود، كما حدث بالنسبة للعراق؟ أو هناك طريق آخر لتحقيق هذه الغاية؟ وكيف ستكون آثاره على مصالح الدول الأخرى ورؤى العالم والمنطقة وداخل إيران؟.
فللإجابة على هذا السؤال لنبدأ من الحقائق الموجودة التي يكون فيها اجماع في الرأي فابقوا معنا لنبدأ:
الحقيقة الأولى : إن هذا النظام نظام دكتاتوري ومن نوع ديني كما شاهده العالم خلال العقود الأربعة الماضية . أمام العالم نظام يرفض الحريات بممارسة القمع وخلافاً لما يطالبه الشعب الإيراني كما عمل لحد الآن وكمعدل أعدم شهريا 260شخصاً فمثلا هناك عدد الإعدامات في فترة ولاية روحاني الذي يعتبره الكثير بخطأ ” اعتدالي“ و” إصلاحي“ يبلغ 3000شخص، أو وحسب اعتراف سلطات هذا النظام تم إعدام أكثر من 30ألفاً من السجناء السياسيين خلال 3أشهر في صيف عام 1988بموجب فتوى أصدرها خميني مؤسس هذا النظام .
الحقيقة الثانية هي المشهد السياسي في إيران وما يطالبه ويتمناه الشعب الإيراني وهو ” تغيير نظام ولاية الفقيه“ حيث لو كان هناك ”استفتاء“ في المناخ الحر بصورة كاملة وديمقراطية، سيصوت أغلبية الشعب الإيراني والقريب بالإجماع بإسقاط هذا النظام ولاغير. لكن النظام الإيراني وبما أنه يعلم النتيجة من هذا الاستفتاء مسبقاً لم ولن يقبل هذا الاستفتاء نهائياً . والحاصل بأن تغيير النظام لا يمكن إلا بواسطة الشعب والمقاومة الإيرانية . المقاومة العريقة التي تمتد جذورها داخل المجتمع الإيراني وتعتبر بديلة ديمقراطية لهذا النظام وفي متناول اليد بالذات.
الحقيقة الثالثة، هي سجل الاسترضاء والتفاوض وعدم جدوى اعتمادهذه السياسة نهائياً تجاه هذا النظام سواء داخل إيران للشعب الإيراني أوعلى مستوى العالم وللبشرية جمعاء إذ إن طبيعة هذا النظام لا تتناسب مع حسن الجوار مع الآخرين كونه نظام متطرف إسلامي وأُسس نظامه قائمة على التوسع والإرهاب والحرب والتنازل من هذا يعتبر خطوط حمراء بالنسبة له لا محالة ويعرف جيد جداً بأن التجاوز من هذه الخطوط سيؤدي إلى السقوط فعليه لو يقبل أحياناً التفاوض، ليس إلا للتحايل وللماطلة وقتل الوقت واستغلال الفرص ليخلص نفسه من المتاهة وهذا سبب عدم ثقة أي حكومة أو دولة أجنبية أو تيار سياسي به لأنه أدى في النهاية إلى تعنت هذا النظام وليس إلا.
الحقيقة الرابعة تكمن في الإقبال الجماهيري العالمي سيما في الولايات المتحدة تجاه فكرة تغيير النظام الإيراني وهذا ما اقتنع به الساسة الأمريكان بأن هذا النظام لا يقبل الإصلاح فعليه يجب اعتماد نهج التغيير في صلب السياسة الخارجية، وباتت فكرة تغيير سلوك هذا النظام أو اعتماد سياسة التنازل والاسترضاء بعد انتهاء ولاية باراك أوباما فكرة فاشلة في البيت الأبيض تماماً. وخير دليل لإثبات هذه الحقيقة الدامغة لهذه الفكرة، رؤى ومواقف يتخذها أغلبية الكونغرس الأميركي لدعم المقاومة الإيرانية ومجلس الشيوخ الأمريكي وبأغلبية ساحقة في فرض العقوبات الجديدة على نظام الملالي بسبب انتهاكه حقوق الإنسان وإنتاج صواريخ بالستية وتصنيف فيلق الحرس الإرهابي بالإرهاب يوم الثلاثاء 25/ يوليو-تموز 2017والذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترامب وهذا ضمن الإنجازات الآخيرة للكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ ونستطيع القول كان هذا مبادرة الرئيس الأميركي الجديد والبيت الأبيض للحركة بالتجاه المجلسين .
والحقيقة الأخيرة حضور بديل مستعد ومعروف نتج عن جهود مقاومة عريقة طيلة 4عقود من التصدي والمواجهة بوجه النظام الرجعي والمتطرف الحاكم في إيران مع جذورها الممتدة داخل المجتمع الإيراني وكثرة الدعم العالمي منها حيث جعل هذا المقاومة معتبرة وموثوقة بها وإن استمرار زيارات السياسية في هذا النمط ودعم البرلمان الأوربي والكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ الأميركي وسائر البرلمانات في مختلف بلدان العالم وزيارة وفد مجلس الشيوخ الأميركي وعلى رأسه ”جون ماكين “ فبل شهور والوفد المماثل بقيادة ” روي بلانت “ يوم 12آغسطس –آب في العام الجاري وما شابه ذلك …خيردليل على هذه الحقائق بالذات .
إذن، وحسب الحقائق التي أسلفناها مختصراً، إن تغيير النظام الإيراني على يد الشعب والمقاومة الإيرانية وبدعم من المجتمع العالمي، في متناول اليد وضرورة ملحة لا لبس فيها حيث نستطيع القول إن كل هذه الحقائق متماسكة بعضها ببعض يعني الأراء العالمية والرغبة العامة الإقليمية والمطلب الإيراني الشرعي كلها تجمعت في نقطة واحدة حيث ولغرض تحقيق هذا الأمر الملح الذي يجمع مصالح جميع شعوب العالم، فمن الضروري الاعتراف بهذا البديل والدعم المادي والمعنوي لتغيير هذا النظام. وهذا مفتاح لفتح الأقفال الكثيرة التي باتت مقفولة بسبب اعتماد سياسات واستراتيجيات غير صحيحة ولا شك أن معناه كان نزيف دماء كثيرة من الشعب .