نشر موقع سيريا انديكيتور بالتعاون مع عنب بلدي أمس الجمعة 12 تموز (يوليو) تحقيقًا يستقصي أحوال المحتجزين السوريين في ليبيا خلافًا للقانون الدولي، وانتهاكات حقوق الإنسان داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وخاصة تلك التي تتبع “جهاز دعم الاستقرار”.
يدخل معدو التحقيق بعض المراكز، ويوثقون الظروف غير الإنسانية للاحتجاز التعسفي، وتعذيب المحتجزين جسديًّا ونفسيًّا بشتى الوسائل، من دون إحالتهم إلى القضاء، وابتزازهم قبل وأثناء الاحتجاز، وصولًا إلى مساومة ذويهم لإطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية.
وحسب التحقيق تكشف خيوط التحقيق عن وجود تنسيق في بعض الحالات بين شبكات الإتجار بالبشر، وبين الأجهزة والميليشيات في شرق وغرب ليبيا.
وجاء في التحقيق أن السجانين يعتمدون ضرب المحتجزين على وجوههم، لكي تبقى آثار الكدمات والصفعات رادعًا لمن يفكر في مقاومتهم مرة أخرى، هذا ما أدلى به اللاجئ السوري «علي» في سياق شهادته حول مراكز احتجاز المهاجرين الليبية التي نجا منها في نهاية المطاف، لكن مُحمّلًا برضوض جسديّة تطلّب شفاؤها وقتًا، وأخرى نفسية ما زالت تُلازمه حتى اليوم.
وبحسب التحقيق يُتهم المحتجزون بالهجرة بطريقة غير شرعية، ما سوّغ لجهاز دعم الاستقرار الليبي، المسؤول المباشر عن مراكز الاحتجاز في حكومة غرب ليبيا احتجاز الآلاف، وتكديس المئات منهم في عنابر صغيرة، بحسب الشهادات التي حصلت عليها “سيريا انديكيتور/ عنب بلدي”.
وفي موضوع الهجرة، وصف الرئيس المستقيل لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، عبد الله باتيلي، ليبيا بأنها “أصبحت بشكل متزايد وكأنها دولة مافيا يهيمن عليها عدد من المجموعات المتورطة في الكثير من عمليات التهريب بما فيها الاتجار بالبشر”.
على امتداد احتجازه تعرّض «علي» ومن معه إلى انتهاكات عديدة، إذ تدخل مجموعة من الرجال بزي عسكري، اتضح أنهم من عناصر “جهاز دعم الاستقرار”، لتبدأ أعمال التفتيش والاستيلاء على كل ذي قيمة، من خواتم، وساعات، وهواتف، وشواحن، وغير ذلك.
يقول اللاجئ السوري علي يجري التفتيش “بطريقة مهينة جدًّا ولا يمكن وصف ما فيها من انتهاك لحرمة أجساد المحتجزين، وعلى مرأى من الجميع، لا أحد يستطيع أن يخفي شيئًا عنهم، ومن يحاول كانوا يسحبونه خارجًا وينهالون عليه بالضرب، ولا نسمع سوى صوت صراخه”.
ووفق شهادة «علي»، يشكل المهاجرون الأفارقة النسبة الأكبر بين المحتجزين، وهؤلاء كانوا يتكتلون في جماعات يحمي بعضها بعضًا، ويمنعون الحراس من تفتيشهم وسلب مقتنياتهم، إلى أن “أتى اليوم الذي حفر في ذاكرة جميع من كانوا في مركز الاحتجاز، إذ أمر السجانون جميع السوريين والمصريين بالخروج إلى الباحة، وبقي نحو 250 مهاجرًا أفريقيًّا في الداخل”، يقول علي، مضيفًا: “دخلوا عليهم بالعصي والكلاب المدرّبة”. علت صرخات المحتجزين، وحين فرغ الحرّاس من اعتداءاتهم غادروا العنبر وأمروا بقية المحتجزين بالعودة إليه، وعندها شاهدنا “رجالًا على الأرض يتلوون ألمًا ويبكون، وآثار الضرب بالعصي صبغت جلودهم السمراء ببقع زرقاء، مع آثار دامية تركتها كلاب السجن، كان هذا درسًا لكل من يحاول عصيانهم”.
“ميليشيا” برعاية رئيس الحكومة
أنشئ “جهاز دعم الاستقرار” بموجب قرار حكومي في كانون الثاني/يناير 2021، وترأسه عبد الغني الككلي، الذي كشفت منظمة العفو الدولية أن “له تاريخ حافل من الجرائم المشمولة بالقانون الدولي، إلى جانب انتهاكات خطيرة موثقة لحقوق الإنسان ارتكبتها الميليشيات تحت قيادته”.
يقول طارق الملوم، رئيس منظمة بلادي :“أغلب من جرى احتجازهم من السوريين عانوا من سوء تغذية وأمراض جلدية مثل الجرب وبعض الحساسيات، بسبب انعدام المياه والتهوية داخل هذا المكان، إضافة إلى الاكتظاظ الكبير جداً في أغلب الأماكن التي احتجزوا فيها، والظروف غير الآدمية للمحتجزين من جميع الجنسيات”.
تؤكد منظمة “رصد الجرائم في ليبيا“، وهي منظمة حقوقية مستقلة، صعوبةَ إحصاء عدد المهاجرين وطالبي اللجوء في مراكز الاحتجاز، لعدم وجود نظام رسمي لتسجيل المحتجزين، ما يعني أن جهاز الهجرة التابع لوزارة الداخلية وهو الجهة المختصة لا يملك أي إحصائيات لعدد المحتجزين أو جنسياتهم، وفق تصريحات المنظمة لـ”سيريا انديكتور/عنب بلدي“.
يتعرض المهاجرون وطالبو اللجوء من الرجال والنساء والفتيات لمختلف أنواع التعذيب والإهانة وإساءة المعاملة داخل مراكز الاحتجاز والسجون في أنحاء ليبيا.
ووثقت منظمة “رصد الجرائم في ليبيا” انتهاكات عديدة، من بينها التعذيب بشتى أنواعه، بما فيه التحرش الجنسي والاغتصاب للرجال والنساء والفتيات القاصرات على حدّ سواء، والتجويع الممنهج، والإهمال الطبي والحرمان من الدواء والعلاج، والحرمان من استعمال دورات المياه، والحرمان من التواصل مع العالم الخارجي، فضلاً عن توثيق حالات قتل بسبب شدة المرض، وقتل تحت التعذيب.
Your blog is a true hidden gem on the internet. Your thoughtful analysis and engaging writing style set you apart from the crowd. Keep up the excellent work!
Every time I visit your site, I leave feeling more knowledgeable.